ورواها ابن فضيل بلفظ: ثم ضرب بيمينه على شماله فأمسكها، وكل هذه الروايات معناها واحد، وهو قبض اليسرى باليمنى، وأما رواية الوضع فتحمل عليها؛ إذ إنها لا تخالفها لدخول الوضع في معنى القبض، فهو بعض معناه، وعليه فالصحيح من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل: رواية القبض، وقد جاء بلفظ القبض أيضًا من حديث موسى بن عمير وقيس بن سليم عن علقمة عن أبيه، وجاء بلفظ الوضع من حديث عفان عن همام عن ابن جحادة، ومن حديث أبي إسحاق عن عبد الجبار عن أبيه، والوضع داخل في معنى القبض، وفي القبض زيادة معنى جاءنا من طريق الثقات فلزمنا قبوله، والله أعلم.
• خالف الجماعة في إسناد هذا الحديث ومتنه:
أ - هشيم، عن عاصم بن كليب، عن علقمة بن وائل بن حجر، عن أبيه، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع فرج أصابعه، وإذا سجد ضم أصابعه.
أخرجه ابن خزيمة (١/ ٣٠١/ ٥٩٤) و (١/ ٣٢٤/ ٦٤٢)، وابن حبان (٥/ ٢٤٧/ ١٩٢٠)، والحاكم (١/ ٢٢٧)، وابن المنذر (٣/ ١٦٩/ ١٤٣٩)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ١٩/ ٢٦)، والدارقطني (١/ ٣٣٩)، والبيهقي (٢/ ١١٢)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (١/ ٥٧٩)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٧/ ٢٧٨).
من طريق الحارث بن عبد الله بن إسماعيل بن عقبة [كذا في سنن البيهقي، وفي الإرشاد واللسان: ابن عقيل] الهمَذاني، يُعرف بابن الخازن: ثنا هشيم به.
وهذا الوهم في المتن والإسناد من الحارث هذا، فإنه وإن وثقه ابن حبان، فاعتمد عليه في صحيحه، وذكره في الثقات، وقال:"مستقيم الحديث"؛ إلا أن أبا زرعة ذكر له حديثًا أخطأ فيه، وأنكر عليه ابن عدي حديثًا آخر، وحمل عليه بسببه، والله أعلم [انظر: الثقات (٨/ ١٨٣)، الكامل (٤/ ٥)، الإرشاد (٢/ ٦٣٤)، تاريح الإسلام (١٧/ ١٢٢)، السير (١١/ ١٤٥)، اللسان (٢/ ٥١٩)].
فإن قيل: لم ينفرد به ابن الخازن هذا، بل تابعه عليه الثقة الثَّبت: عمرو بن عون:
قال الحاكم في المستدرك (١/ ٢٢٤): حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن صفوان الجمحي بمكة: ثنا علي بن عبد العزيز: ثنا عمرو بن عون: ثنا هشيم، عن عاصم بن كليب، عن علقمة بن وائل، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ركع فرج بين أصابعه.
قال الحاكم:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
قلت: هو غريب من حديث عمرو بن عون، ثم من حديث علي بن عبد العزيز البغوي، وكلاهما: ثقة حافظ، كثير الأصحاب، فكيف يتفرد به شيخ الحاكم هذا، ولم أجد من ترجم له، وهو قليل الرواية، ولم يرو إلا عن علي بن عبد العزيز البغوي، وروى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو سعيد النقاش، وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه، وأبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد الأصبهاني، وسَلَمون بن داود، وعبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ المعروف بابن بشران، وأبو محمد الحسن بن