للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم أطال البيهقي في ذكر الشواهد الدالة على تأخر وفاة أبي قتادة، وأنه كان حيًّا بعد وفاة علي بن أبي طالب، إلى أن قال: "فكيف يجوز رد رواية أهل الثقة بمثل هذه الرواية الشاذة؟

ثم إن كان ذِكرُ أبي قتادة وقع وهمًا في رواية عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء، بتقديم موت أبي قتادة في زعم هذا الراوي، فالحجة قائمة عن أبي حميد الساعدي، ولا شك في سماعه منه، فمحمدُ بن عمرو بن حلحلة وافقَ عبد الحميد بن جعفر على روايته عن محمد بن عمرو بن عطاء، وإثبات سماعه من أبي حميد الساعدي في بعض هذه القصة، وهي في مسألة كيفية الجلوس في التشهد مذكورة".

قلت: لم ينفرد عبد الحميد بذكر أبي قتادة في هذا الحديث، فقد تابعه عليه: ابن إسحاق عن العباس بن سهل في صفة الصلاة عن أبي أسيد وأبي حميد وأبي قتادة، ويأتي.

قال البيهقي: "وأما إدخال من أدخل بين محمد بن عمرو بن عطاء وبين أبي حميد الساعدي رجلًا؛ فإنه لا يوهنه؛ لأنَّ الَّذي فعل ذلك رجلان؛ أحدهما: عطاف بن خالد، وكان مالك بن أَنس لا يحمده.

والآخر: عيسى بن عبد الله، وهو دون عبد الحميد بن جعفر في الشهرة والمعرفة، واختلف في اسمه، فقيل: عيسى بن عبد الله بن مالك، وقيل: عيسى بن عبد الرحمن، وقيل: عبد الله بن عيسى، ثم اختلف عليه في ذلك: فروى عن الحسن بن الحر، عن عيسى بن عبد الله، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عباس - أو: عياش بن سهل -، عن أبي حميد.

وروي عن عتبة بن أبي حكيم، عن عبد الله بن عيسى، عن العباس بن سهل الساعدي، عن أبي حميد، ليس فيه محمد بن عمرو، وروينا حديث أبي حميد عن فليح بن سليمان، عن عباس بن سهل، عن أبي حميد، وبيَّن فيه عبد الله بن المبارك عن فليح: سماع عيسى بن عبد الله من عباس بن سهل، مع سماع فليح من عباس، فذِكرُ محمد بن عمرو بن عطاء بينهما: وهم"، ... ، إلى أن قال:

"فالإعراض عنه وترك القول به، والاشتغال بتضعيف رواية عبد الحميد بن جعفر، بأمثال ما أشرنا إليه وأجبنا عنه: ليس من شأن من يريد متابعة السُّنَّة، وترك ما استحلاه من العبارة، وبالله التوفيق"، إلى أن قال: "وإنما حملني على بعض الاستقصاء في هذا: لأنَّ حديث أبي حميد يشتمل على سنن كثيرة، وقد ترك أكثرها هذا الشيخ الَّذي يدعي تسوية الأخبار على مذهبه، ليعلم أنَّه غير معذور فيما ترك من هذه السنن الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن الَّذي اعتذر به ليس بعذر، والله المستعان".

وقال أيضًا (٢/ ٢٦): "وقد أبطلنا في مسألة رفع اليدين دعوى من زعم في حديث محمد بن عمرو أنَّه منقطع؛ وكفاك بمحمد بن إسماعيل البخاري - منتقدًا للرواة، وعارفًا بصحة الأسانيد، وسقمها -، وقد صحح حديث محمد بن عمرو بن عطاء، وأودعه كتابه

<<  <  ج: ص:  >  >>