للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اختلط، وإنما الشأن في عطاف نفسه، فإنه كان ممن يروي المناكير، مع كونه صدوقًا في الأصل، ولذا حمل عليه مالك بن أَنس، وكلٌّ من ابن حلحلة وعبد الحميد على انفراده مقدَّم على عطاف عند الاختلاف، فكيف إذا اجتمعا على خلافه؟ ".

وتقدم نقد شيء من هذه المقالة تحت الحديث السابق برقم (٧٣٠).

وقد نقل كلام الطحاوي في نقد هذا الحديث، وأقره عليه وزاد: ابن القطان في كان الوهم (٢/ ٤٦٢/ ٤٦٢).

وردَّ عليه البيهقي دعواه، وأطال في ذلك النفَس، فكان مما قال: "وما ذَكَر من ضعف عبد الحميد بن جعفر؛ فمردود عليه؛ فإن يحيى بن معين قد وثقه في جميع الروايات عنه، وكذلك أحمد بن حنبل، واحتج به مسلم بن الحجاج في الصحيح.

وما ذكر من انقطاع الحديث فليس كذلك؛ قد حكم البخاري في التاريخ أنَّه سمع أبا حميد وأبا قتادة وابن عباس، واستشهاده على ذلك بوفاة أبي قتادة قبله خطأ؛ فإنه إنما رواه موسى بن عبد الله بن يزيد: أن عليًّا صلى على أبي قتادة، فكبر عليه سبعًا، وكان بدريًا، ورواه أيضًا الشعبي منقطعًا، وقال: فكبر عليه ستًّا، وهو غلط لإجماع أهل التواريخ على أن أبا قتادة الحارث بن ربعي بقي إلى سنة أربع وخمسين، وقيل: بعدها".

قلت: "موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي: لم يلق عائشة، وعدم إدراكه لعليٍّ من باب أولى، فهو منقطع أيضًا، وهذا فضلًا عن كون صورته مرسلًا، ثم وجدت أبا داود أخرج هذا الأثر في مسائله للأمام أحمد (١٠١٨) بإسناد صحيح إلى موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي، قال: أُخبرتُ أن عليًّا صلى على أبي قتادة، فكبر عليه سبعًا، فقطعت جهيزة قول كل خطيب.

وقد قال الخطيب في تاريخه: "قوله: وكان بدريًا: خطأ لا شبهة فيه؛ لأنَّ أبا قتادة لم يشهد بدرًا، ولا نعلم أهل المغازي اختلفوا في ذلك"، ثم نقل عن أهل التاريخ أن وفاة أبي قتادة كانت سنة أربع وخمسين؛ يعني: بعد وفاة عليٍّ بأَرْبعة عشر عامًا، وقال ابن القيم: "وقد خطَّأ الأئمةُ رواية موسى هذه، ومن تابعه، وقالوا: هي غلط" [المراسيل (٨١٠)، تحفة التحصيل (٣٢٠)، تاريخ بغداد (١/ ١٦١)، تاريخ دمشق (٦٧/ ١٥٢)، تهذيب السنن (٢/ ٣٠٠)، التلخيص الحبير (٢/ ١٢٠ / ٧٦٦)، وما رجحه ابن حجر هو المرجوح].

ثم ساق البيهقي هذا القول في وفاة أبي قتادة عن الليث بن سعد، والترمذي، وابن منده، وذكر عن الواقدي نقله بأنه توفي بالمدينة سنة خمس وخمسين، وهو ابن سبعين سنة، ثم قال: "والذي يدل على هذا: أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن أبي قتادة، وعمرو بن سليم الزرقي، وعبد الله بن رباح الأنصاري، رووا عن أبي قتادة، وإنما حملوا العلم بعد أيام علي؛ فلم يثبت لهم عن أحد ممن توفي في أيام علي - رضي الله عنهم - سماع".

<<  <  ج: ص:  >  >>