والعرب تسمي الصلاة دعاءً، فخبر حماد هذا: أرأيتم رفع أيديكم في الصلاة: أراد به في الدعاء، والدليل على صحة ما قلت:
أن الحسن بن سفيان حدثنا، قال: حدثنا محمد بن علي الشقيقي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الحسين بن واقد، عن أبي عمرو الندبي بشر بن حرب، قال: حدثني ابن عمر، قال: والله ما رفع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يديه فوق صدره في الدعاء.
جوَّد الحسين بن واقد حفظه، وأتى الحديث على جهته كما ذكرنا".
وحديث حماد بن زيد هذا:
أخرجه من هذا الوجه: البيهقي في الخلافيات (٢/ ٨٤ - مختصره)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (٢/ ٢٨/ ٣٩٧)، وعلقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (١/ ٤٢٦/ ٧٢٥).
قال البيهقي: "وهذا مجمل بُيِّن في روايةٍ أخرى عن حماد بن سلمة، عن بشر، عن ابن عمر: والله إن رفعَكم أيديَكم في السماء لبدعةٌ - يحلف عليها ثلاثًا -، ما زاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا، ورفع يديه حذو ثدييه.
قال الدارمي: فهذا دليل على أنَّه في الدعاء، لا في التكبير عند الركوع، فإن أبيت إلا أن تحتج به كان عليك ولنا، فإنه قد أباح رفعهما على كل حال، ولو صح هذا عن ابن عمر كما رويت عند الركوع، لم يكن لك فيه كثير راحة؛ لأنَّ بشر بن حرب ليس له من التقدم في الرواية ما يدفعُ بروايته روايةَ الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم رواية بضعة عشر رجلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفعلَ أمة من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - والتابعين، سمعت يحيى بن معين يضعِّف بشرًا في الحديث.
وروى الحسين بن واقد، عن بشر بن حرب أبي عمرو الندبي، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال: والله ما رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه فوق صدره في الدعاء.
قال أبو عبد الله الحاكم: فهذا الحسين بن واقد على صدقه وإتقانه قد أتى بالمعنى الَّذي أشرنا إليه" [ونقل ابن الملقن هذا النص في البدر المنير (٢/ ٤٩٨)، وصححته منه].
وقال الجوزقاني: "هذا حديث منكر؛ تفرد به بشر بن حرب عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، ثم أطال في بيان حال بشر.
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث منكر، تفرد به بشر، وقد ضعفه ابن المديني ويحيى والنسائي وغيرهم، وكان ينفرد عن الثقات بما ليس من حديثهم".
وقد ترجم له بقوله: "حديث في ذكر الحد الَّذي ترفع الأيدي إليه".
• ومما يؤيد ما ذهب إليه الدارمي وابن حبان والحاكم والبيهقي من كون حديث بشر بن حرب هذا إنما هو في الدعاء ما رواه:
حماد بن سلمة، عن بشر بن حرب، عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفًا بعرفةَ يدعو هكذا، ورفع يديه حيال ثَنْدُوَتَيه، وجعل بطون كفيه مما يلي الأرض، وفي رواية: وجعل ظهر كفيه مما يلي وجهه، ورفعهما فوق ثندوتيه، وأسفل من منكبيه، وفي رواية: وجعل ظهر كفيه مما يلي صدره.