يقول: حديثه بالمدينة مقارب، وما حدث به بالعراق فهو مضطرب، قال علي: وقد نظرت فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمي فرأيتها مقاربة".
وقال الساجي: "فيه ضعف، وما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد" [تاريخ بغداد (١٠/ ٢٢٨)، التهذيب (٢/ ٥٠٤)، الميزان (٢/ ٥٧٥)].
فاتفق هؤلاء الأئمة الثلاثة على أن حديث ابن أبي الزناد بالمدينة أصح منه ببغداد.
وأما توثيق مالك له فيحمل على ما حدث به بالمدينة قبل انتقاله إلى بغداد، ثم ضعَّفه بعد ذلك وتكلم فيه لأجل ما كان منه ببغداد.
وهذا الحديث مما حدث به ابن أبي الزناد بالمدينة، وببغداد، ولم يختلف حفظه له، ولم يكن مما تلقنه ببغداد، فقد رواه عنه: سليمان بن داود الهاشمي البغدادي، وقد قوَّى ابن المديني روايته عنه، كما أن الرواة عنه لم يختلفوا عليه، مما يدل على حفظه لهذا الحديث، وضبطه له.
وقد حمل العلامة المعلمي اليماني كلام ابن المديني على أن ابن أبي الزناد حدث الهاشمي من أصل كتابه، وأن ما حدثه به مما لم يلقَّنه ببغداد، قال العلامة اليماني: "بل الأقرب أن سماع الهاشمي منه من أصل كتابه، فعلى هذا تكون أحاديثه عنه أصح مما حدث به بالمدينة من حفظه" [التنكيل (٢/ ٣٥)].
وقال أيضًا: "وقد دل كلام الإمام أحمد أن التلقين إنما أوقعه في الاضطراب، فعلى هذا إذا جاء الحديث من غير وجه عنه على وتيرة واحدة دل ذلك على أنَّه من صحيح حديثه" [التنكيل (٢/ ٣٥)].
• وهذا الحديث قد رواه جماعة بدون زيادة رفع اليدين في أوله:
• فقد رواه ابن جريج [ثقة حافظ]، قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن بن هرمز [الأعرج]، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة، قال: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا [مسلمًا]، وما أنا من المشركين؛ إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين [وفي رواية: وأنا من المسلمين]، [اللَّهُمَّ لك الحمد]، اللَّهُمَّ أنت الملك، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، [إنه] لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، [إنه] لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير [كله] بيديك، [والشر ليس إليك]، والمهديُّ من هديت، وأنا بك وإليك، [لا منجا منك إلا إليك]، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك".
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد في الصلاة المكتوبة، قال: "اللَّهُمَّ لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، أنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين".