بعلي أنَّه يختار فعله على فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن ليس أبو بكر النهشلي ممن يحتج بروايته وتثبت به سُنَّة لم يأت بها غيره".
وقال ابن المنذر: "فأما حديث علي الَّذي احتجوا به [يعني: حديث النهشلي]، فقد ثبت عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع" يعني: من طريق ابن أبي الزناد.
هكذا احتج هؤلاء الأئمة بحديث ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، بهذه الزيادة في الحديث، برفع الأيدي في هذه المواطن الأربعة، وردوا به حديث النهشلي.
• ومرة أخرى نقول: إن حديث علي هذا بزيادة رفع اليدين فيه، من رواية ابن أبي الزناد: قد صححه جماعة من كبار الأئمة النقاد:
صححه سليمان بن داود الهاشمي، كما تقدم نقله في أول التخريج.
وقال ابن دقيق العيد في الإمام: "ورأيت في علل الخلال أن أحمد سئل عن حديث علي بن أبي طالب في الرفع؛ فقال: صحيح، وعن حديث أبي حميد الساعدي في الرفع؟ فقال: صحيح" [شرح سنن ابن ماجة لمغلطاي (٥/ ١٤٨٤)، نصب الراية (١/ ٤١٢)، الفتح لابن رجب (٤/ ٣١١ و ٣٢٠)، البدر المنير (٣/ ٤٦٦)، الدراية (١/ ١٥٣)].
وصححه البخاري في جزء رفع اليدين ضمن أحاديث، فقال (١٦٤): "هذه الأحاديث كلها صحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا يخالف بعضها بعضًا، وليس فيها تضاد؛ لأنَّها في مواطن مختلفة"، وقال في موضع آخر (١٧٠) فيما نقله عنه ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٢٢): "ما زاده ابنُ عمر، وعلي، وأبو حميد في عشرة من الصحابة: من الرفع عند القيام من الركعتين: صحيح؛ لأنهم لم يحكوا صلاة واحدة فاختلفوا فيها، وإنما زاد بعضهم على بعض، والزيادة مقبولة من أهل العلم".
وصححه الترمذي، فقال: "حسن صحيح".
واحتج به عثمان بن سعيد الدارمي على ثبوت الرفع عند الركوع، وبعدما يرفع رأسه من الركوع، كما تقدم نقله آنفًا.
وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال بثبوته ابن المنذر.
وثبَّته أيضًا: ابن العربي في أحكام القرآن (٤/ ١٧٠)، وقال النووي في المجموع (٣/ ٤٠٩): "هو حديث صحيح"، وذكره في فصل الصحيح من الخلاصة (١/ ٣٥١ / ١٠٦٤)، وصححه ابن تيمية [كما في المجموع (٢٢/ ٤٥٣)].
فهو حديث صحيح، أخطأ من ضعَّفه، والله أعلم.
• وأما قول الخطابي في معالم السنن (١/ ١٦٨): "وأما ما روي في حديث علي - رضي الله عنه - أنَّه كان يرفع يديه عند القيام من السجدتين؛ فلست أعلم أحدًا من الفقهاء ذهب إليه، وإن صح الحديث فالقول به واجب".