قال الطحاوي في المشكل:"ففي هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفعه يديه عند التكبير المشروع في الصلاة، ورفعها عند الرفع من الركوع، ورفعها عند القيام من السجود، ولا نعلم أحدًا روى هذا الحديث مذكورًا فيه هذا الرفع غير عبد الرحمن بن أبي الزناد؛ فأما من روى سواه فلم يذكر فيه ذلك، منهم: عبد العزيز الماجشون، رواه عن عبد الله بن الفضل وعن عمه الماجشون، ولم يذكر ذلك فيه".
إلى أن قال بعد حديث الماجشون:"ولم يذكر فيه رفع الأيدي في شيء من الصلاة، وكان هذا الحديث من أحد وجهين: أن يكون ابن أبي الزناد جاء بهذه الزيادة غلطًا منه في الحديث، أو يكون جاء بها عن حقيقة منه، فإن كان جاء بها غلطًا فلا حجة لأحد فيما هو غلط، وإن كان جاء بها من حقيقة [وقال في شرح المعاني: وإن كان ما روى ابن أبي الزناد صحيحًا]، فإنه قد وجدنا عن علي - رضي الله عنه - مما كان عليه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتيه [كذا] أن عليًّا كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة ثم لا يرفع بعد".
ثم روى حديث: أبي بكر النهشلي، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، أن عليًّا كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة ثم لا يرفع بعد، وهو حديث منكر، سبق الكلام عليه في آخر تخريج الحديث رقم (٧٢٨).
ثم تابع الطحاوي كلامه قائلًا:"فكان في هذا الحديث ما قد دل أن زيادة ابن أبي الزناد إن كانت صحيحة: أعظم الحجتين بترك الرفع في الصلاة بعد تكبيرة الافتتاح؛ لأنَّ عليًّا لا يفعل بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا خلاف ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله فيه؛ إلا بعد قيام الحجة عنده في ذلك على نسخ ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله فيه، وبالله التوفيق" [وانظر: شرح معاني الآثار (١/ ٢٢٥)، شرح سنن ابن ماجة لمغلطاي (٥/ ١٤٨٣)، نخب الأفكار في شرح معاني الآثار (٣/ ٥٠٢) و (٤/ ١٧٥)].
قلت: كلا الوجهين لا يصح، فالحديث محفوظ، لم يغلط فيه ابن أبي الزناد، ولم يَهِم، وهذا الَّذي عارض به الطحاوي حديثَ عبيد الله بن أبي رافع دليل ساقط، وقد احتج الأئمة على رده ونكارته بحديث عبيد الله بن أبي رافع من رواية ابن أبي الزناد:
قال البخاري بعد أن علَّق حديث النهشلي في جزء رفع اليدين (٢٩): "وحديث عبيد الله: أصح، مع أن حديث كليب هذا لم يحفظ رفع الأيدي، وحديث عبيد الله هو شاهد.
فإذا روى رجلان عن محدث، قال أحدهما: رأيته فعل، وقال الآخر: لم أره فعل، فالذي قال: قد رأيته فعل، فهو شاهد، والذي قال: لم يفعل، فليس هو بشاهد؛ لأنَّه لم يحفظ الفعل".
وقال عثمان بن سعيد الدارمي عن حديث النهشلي: "فهذا قد روي من هذا الطريق الواهي عن علي، وقد روى عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي؛ أنَّه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رفعهما عند الركوع، وبعدما يرفع رأسه من الركوع، فليس الظن