مقدار رفع اليدين في الصلاة، والحمل فيه عندي على بشير بن نهيك نفسه، فإنه وإن وثقه: أحمد والنسائي والعجلي وابن سعد والدارقطني، فقد قال فيه أبو حاتم: "لا يحتج بحديثه"، ولن يقول ذلك أبو حاتم حتَّى تكون قد قامت عنده الحجة أنَّه قد وهم في بعض ما يروي، بحيث يحتاج في قبول حديثه إلى متابع يعضد روايته، أو شاهد صدق على حفظه وضبطه للحديث.
هذا من وجه، ومن وجه آخر: فقد روي عن بشير أنَّه قال: كنت أكتب بعض ما أسمع من أبي هريرة ... ، فلعل هذا الحديث مما لم يكتبه بشير، ومن ثم فلم يعرضه على أبي هريرة فيما عرض عليه من كتابه، فلم يستثبت فيه بالسماع والعرض معًا، كما وقع له فيما كتبه مما سمع، ويكون الوهم قد دخل عليه من قبل حفظه، فحدّث به أبا مجلز على الوجه الأول فوهم، وحدّث به بركة على الوجه الثاني الموافق لصحيح الأحاديث، فأصاب، والله أعلم.
• وفي الباب أيضًا مما وقفت عليه صريحًا في رفع اليدين عند الركوع، وعند الرفع من الركوع [ولم أتعرض للأحاديث التي جاء فيها الرفع عند الافتتاح لكونه موضع اتفاق، وإنما أردت إيراد الأحاديث التي فيها إثبات الرفع الزائد على الافتتاح]:
١ - حديث جابر بن عبد الله:
روى أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي: حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، أن جابر بن عبد الله كان إذ افتتح الصلاة، وفي رواية: رأيت جابر بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه إذ كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، ولم يرفع بين ذلك، فقلت له: ما هذا؟ فقال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي.
أخرجه ابن ماجة (٨٦٨)، وأبو العباس السراج في مسنده (٩٢)، والبيهقي في الخلافيات (١/ ٤١٤ - نصب الراية) (٣/ ٤٦٩ - البدر المنير)، وابن عبد البر في التمهيد (٩/ ٢١٧).
قال البيهقي: "هكذا رواه أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، عن إبراهيم بن طهمان، وتابعه زياد بن سوقة"، قال: "وهذا حديث صحيح، رواته عن آخرهم ثقات".
وقال مغلطاي: "إسناده صحيح، محتج به" [شرح سنن ابن ماجة (٥/ ١٤٨٨)].
• ورواه الحاكم في المعرفة (١٦١)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (١/ ٢٠٣)، والبيهقي في الخلافيات (١/ ٤١٤ - نصب الراية) (٣/ ٤٦٩ - البدر المنير)، والخطيب في تاريخ بغداد (١/ ٣١٩)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٥/ ٨٨)، وأبو طاهر السلفي في حديثه عن حاكم الكوفة (٢).
من طريق: أبي العباس محمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي، قال: حدثنا أحمد بن سيار، قال: حدثنا محمد بن كثير العبدي، قال: ثنا سفيان الثوري، قال: حدثني أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الظهر يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع.