وقد احتج أبو حاتم بهذا الحديث على نسخ التطبيق الوارد في حديث ابن مسعود، فقال: "حديث ابن مسعود في التطبيق منسوخ؛ لأن في حديث ابن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، عن عبد الله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طبَّق، ثم أُخبر سعدٌ، فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل، ثم أُمِرنا بهذا؛ يعني: بوضع اليدين على الركبتين" [العلل (٢٤٦)].
وكذا احتج به ابن خزيمة في صحيحه على النسخ، فقال: "باب ذكر نسخ التطبيق في الركوع، والبيان على أن وضع اليدين على الركبتين ناسخ للتطبيق؛ إذ التطبيق كان مقدَّمًا، ووضع اليدين على الركبتين مؤخَّرًا بعده، فالمقدَّم منسوخ، والمؤخَّر ناسخ".
وكذا الحازمي في الاعتبار، حيث قال: "ففي إنكار سعد حكم التطبيق بعد إقراره بثبوته، دلالة على أنه عرف الأول والثاني، وفهم الناسخ والمنسوخ".
وقد احتج أحمد والبخاري والبيهقي بحديث ابن إدريس هذا على رد زيادة: فلم يرفع يديه إلا مرةً، أو: ثم لم يعد، والواردة في الحديث الآتي، ويأتي نقل كلامهم هناك.
وقال البزار: "وهذا الحديث رواه عاصم بن كليب، وعاصم في حديثه اضطراب، ولا سيما في حديث الرفع، ذكره عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، عن عبد الله: أنه رفع يديه في أول تكبيرة، ورواه عن أبيه، عن وائل بن حجر: أنه رفع يديه حين افتتح الصلاة، وحين رفع رأسه من الركوع، وروى عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك أيضًا، وروى عن أبيه، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه رآه يرفع في أول مرة".
قلت: لم يضطرب فيه عاصم بن كليب، وهو محفوظ عنه على وجوه سبق ذكرها، وقد توبع عليها [انظر الحديث السابق برقم (٧٤٣)].
وقال الدارقطني في السنن: "هذا إسناد ثابت صحيح".
وقال في العلل (٥/ ١٧٢/ ٨٠٤): "وإسناده صحيح".
قلت: وهو كما قال.
وقال في الأفراد: "غريب من حديث علقمة عن سعد بن أبي وقاص، تفرد به: عبد الله بن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة".
وتقدم نقل احتجاج الأئمة به على هذا الوجه.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما اتفقا على حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: كنا نطبق، ثم أمرنا بالإمساك بالركب".
وصححه ابن خزيمة وابن الجارود، واحتج به أبو داود والنسائي.
وأما ما قيل عن عدم سماع عبد الرحمن بن الأسود من علقمة، فدعوى لا دليل عليها، ولا يُعرف قائل ذلك، إنما حكاه ابن الجوزي والمنذري، ولم ينسباه لأحد