للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: لم يره"؛ لأنه "قد يغيب عنه ذلك، أو يحضره فينساه" [المعرفة (١/ ٥٥٣)].

وقد يكون - صلى الله عليه وسلم - رفعَ يديه في بقية المواضع فلم ينقله ابن مسعود، كما لم ينقل سائر سنن الصلاة، وقد يكون ذلك في الابتداء قبل أن يُشرع رفعُ اليدين في الركوع، ثم صار التطبيق منسوخًا، وصار الأمر في السُّنَّة إلى رفع اليدين عند الركوع ورفع الرأس منه، وخفيا جميعًا على عبد الله بن مسعود، قاله البيهقي وغيره.

• وقد اختلف الأئمة فيمن هو الواهم في هذا الحديث: وكيع، أم سفيان الثوري، أم أن حديث عاصم بن كليب كله مردود:

فذهب الإمام أحمد وابن حبان، وهو ظاهر صنيع أبي داود، ذهبوا إلى توهيم وكيع فيه، قال عبد اللّه بن أحمد في العلل (٧٠٩ - ٧١١)، وبنحوه في مسائله لأبيه (٢٥٣): "حدثني أبي، قال: حدثناه وكيع مرة أخرى، بإسناده سواء، فقال: قال عبد الله: أصلي بكم صلاة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، فرفع يديه في أول.

حدثني أبي، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الضرير، قال: كان وكيع ربما قال: يعني: ثم لا يعود. قال أبي: كان وكيع يقول هذا من قبل نفسه: يعني: ثم لا يعود.

قال أبي: وقال الأشجعي: فرفع يديه في أول شيء".

ثم قال (٧١٣ و ٧١٤): "قال أبي: حديث عاصم بن كليب رواه ابن إدريس فلم يقل: ثم لا يعود".

ثم أسنده من طريق يحيى بن آدم، قال: أملاه عليَّ عبد اللّه بن إدريس من كتابه، عن عاصم بن كليب، ... فذكره باللفظ المتقدم برقم (٧٤٧)، ثم قال: "قال أبي: هذا لفظٌ غيرُ لفظِ وكيعٍ، وكيعٌ يثبِّج الحديث؛ لأنه كان يحمل على نفسه في حفظ الحديث".

وفي المسائل: "لفظ غيرُ لفظِ وكيعٍ، وكيعٌ كان رجل يحمل على نفسه في حفظ الحديث" [يثبج الحديث؛ يعني: يضطرب فيه، ويخلط].

وقال ابن المنذر في الأوسط (٣/ ١٤٩): "وحكى الأثرم عن أحمد؛ أنه ذكر وكيعًا، فقال: كان يروي الأحاديث على غير ألفاظها، ويستعمل يعني كثيرًا، ويلحقها في الحديث، وذكر حديث عاصم بن كليب في الرفع؛ حديث ابن مسعود.

وقال أحمد: قال لي أبو عبد الرحمن الوكيعي: كان وكيع يقول فيه: يعني: ثم لم يعد، وقد تكلم بعض أصحابنا في هذا الحديث، فذكر أن ابن إدريس روى هذا الحديث بإسناده عن عاصم بن كليب عن عبد الله، وليس فيه: ثم لم يعد".

وقال ابن حبان في كتاب الصلاة: "هذا الحديث له علة توهنه؛ لأن وكيعًا اختصره من حديث طويل، ولفظة: ثم لم يعد؛ إنما كان وكيع يقولها في آخر الخبر من قِبَله، وقَبْلها يعني، فربما أسقطت يعني" [حاشية ابن القيم على السنن (٢/ ٣١٨)].

وقال أبو داود: "هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ"؛ يعني: أن المحفوظ هو حديث ابن إدريس المتقدم، وحديث وكيع هذا وهمٌ، فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>