للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليه، فكيف وليس من الصحيح! ولكن قد قيل: إنه حسن، ولو كان فيه دلالة لكان عامًّا، وتلك خاصة، والخاص يقضي على العام ... ، ولهذا جاء دعاء القنوت بصيغة الجمع: "اللهم إنا نستعينك ونستهديك ... ". اهـ كلامه.

وقال ابن القيم في زاد المعاد (١/ ٢٦٣): "والمحفوظ في أدعيته - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة كلها بلفظ الإفراد ... [وذكر أحاديث، ثم ذكر حديث ثويان، فقال:] قال ابن خزيمة في صحيحه وقد ذكر حديث "اللَّهُمَّ باعد بيني وبين خطاياي ... " الحديث، قال: في هذا دليل على رد الحديث الموضوع [سبق نقل كلام ابن خزيمة من صحيحه وليس فيه حكمه عليه بالوضع؛ إنما قال: "غير الثابت"] "لا يؤم عبد قومًا فيخص نفسه بدعوة دونهم، فإن فعل فقد خانهم وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا الحديث عندي في الدعاء الذي يدعو به الإمام لنفسه وللمأمومين، ويشتركون فيه كدعاء القنوت ونحوه، والله أعلم".

وانظر: النكت على ابن الصلاح لابن حجر (٢/ ٨٤٦).

وقد انتقد ابن القطان الفاسي أبا محمد عبد الحق الإشبيلي لإيراده حديث ثوبان في الأحكام الوسطى (٤/ ٤٦)، من طريق أبي داود ولم يبين أنه من رواية ابن عياش عن أهل بلده، فهي وإن كانت مستقيمة؛ إلا أن ابن عياش قد ضعفه قوم على الإطلاق، ووثقه قوم عن الشاميين، فيرى ابن القطان أنه يجب أن يقال لحديثه بأنه حسن [بيان الوهم (٤/ ١٨٧/ ١٦٧٠)].

قلت: لم ينفرد به ابن عياش؛ بل تابعه بقية وصفوان بن عمرو، وكان ينبغي أن يُعلَّه بيزيد بن شريح؛ فإنه علة الحديث، وينبغي لأجله أن يُرَدَّ الحديث ويضعَّف لما سبق بيانه، والله أعلم.

وأما تحسين الترمذي للحديث، فليس دليلًا على ثبوت الحديث عنده، وقد تقدم مرارًا الكلام على تحسين الترمذي، وأن الأصل فيه أنه داخل في قسم الضعيف حتى يأتي دليل على تقويته، وهو كما قال الذهبي في الميزان (٤/ ٤١٦): "فلا يغتر بتحسين الترمذي، فعند المحاققة غالبها ضعاف".

• فالحديث في جملتيه الأخيرتين [غير جملة الدعاء: "لا يؤمُّ رجل قومًا فيخصَّ نفسه بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهم"] قد رُوي من غير وجه، ففي الصحيح [البخاري (٥٩٢٤ و ٦٢٤١ و ٦٩٠١)، مسلم (٢١٥٦)]: "إنما جعل الاستئذان من أجل البصر"، وفي صحيح مسلم (٥٦٠) "لا صلا بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان"، وتقدم معنا برقم (٨٩)، فهو حسن بهذا الاعتبار، وأما جملة الدعاء -في اختصاص الإمام نفسه بالدعاء دون المأمومين-: فلم يأت ما يشهد لصحتها بل أتى ما يدل على نكارتها وردها كما تقدم بيانه.

كذلك فإن الحديث ليس في إسناده متهم، وليس هو بالشاذ في جملتيه المذكورتين آنفًا، فهذا وجه تحسين الترمذي، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>