للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعني: أنهم ضعفوا منه هذه الزيادة الباطلة التي لا أصل لها من الحديث، وذكره في قسم الضعيف من الخلاصة (١٠٧٩).

وقال ابن القيم في المنار المنيف (٣١٢): "وضعَّف هذا الحديث جمهور أهل الحديث، وقالوا: لا يصح".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٤٨٧): "حديث ضعيف باتفاق الحفاظ".

وقال ابن حجر في التلخيص (١/ ٢٢١): "واتفق الحفاظ على أن قوله: "ثم لم يَعُد": مُدرَجٌ في الخبر من قول يزيد بن أبي زياد، ورواه عنه بدونها: شعبة، والثوري، وخالد الطحان، وزهير، وغيرهم من الحفاظ"، وانظر أيضًا: معالم السنن (١/ ١٦٧).

• قلت: وهذا التضعيف من هؤلاء الأئمة لهذا الحديث إنما يتجه إلى هذه الزيادة التي زادها يزيد فيه، وهي عدم العود إلى رفع اليدين بعد تكبيرة الافتتاح، وأنها زيادة باطلة لا أصل لها من حديث يزيد نفسه، وإنما لقَّنه إياها أهلُ الكوفة فتلقنها، وأدرجها بعد ذلك في الحديث، وصار يحدِّث بها، وأما أصل الحديث، والذي رواه عنه جماعة من كبار الحفاظ الأثبات المتقنين، بلفظ: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتح الصلاة رفع يديه، وتارة بلفظ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر رفع يديه، حتى نرى إبهاميه قريبًا من أذنيه، وتارة بلفظ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه إذا كبر حذو أذنيه، ونحو ذلك من ألفاظ.

ففيه مجرد إثبات رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح، وأن تكون حذاء الأذنين، أو قريبًا منها، وهذا محفوظ من حديث يزيد، وموافق لما صح من أحاديث رفع اليدين، إذ ليس في حديث ابن أبي زياد هذا ما ينفي رفع اليدين فيما عدا ذلك، كما لم يذكر بقية صفة الصلاة، فهو كما قال الدارمي: "ولم يذكر فيه العود من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما أنه لم يذكر فيه قراءته وركوعه وسجوده وتسليمه كيف كان؟ فهذا الذي يسبق القلب إلى صحته عن يزيد".

وبناءٌ على ذلك: فإن القدر المحفوظ عن يزيد بن أبي زياد قبل التلقين هل هو حديث صحيح أم لا؟

فيقال: ينظر في حال يزيد، فإنه في الأصل: صدوق عالم؛ إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، وكان إذا لُقِّن تلقن، فهو: ليس بالقوي؛ كما قال أكثر النقاد، لأجل ما صار إليه أمره [انظر: التهذيب (٩/ ٣٤٤)، الميزان (٤/ ٤٢٣)، الجامع في الجرح والتعديل (٣/ ٣١٥) لكن في هذا الحديث على وجه الخصوص: فقد ذكر الأئمة أن يزيد قد حدَّث بهذا الحديث بمكة قبل أن يسوء حفظه، وأنه قد كان يُذكر بالحفظ في شبابه، وأن القدماء قد رووا عنه هذا الحديث بدون الزيادة التي لقنه إياها أهل الكوفة، فدل ذلك على صحة القدر المحفوظ من حديثه، كما أشار إلى ذلك غير واحد من الحفاظ، كما أن هذا القدر المحفوظ موافق لما صح من أحاديث الرفع، غير معارض لها، غير أنه لم يزد على ذكر الرفع عند الافتتاح، ومقدار الرفع فيه، والله أعلم.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>