وقال البيهقي بعد أن أسند ما في الباب: مرفوعًا من حديث وائل بن حجر، وعلي بن أبي طالب، وموقوفًا على أنس، أو مرفوعًا، وموقوفًا على ابن عباس، ومقطوعًا على سعيد بن جبير، وأبي مجلز، قال البيهقي: [وأصح أثر روي في هذا الباب: أثر سعيد بن جبير وأبي مجلز، وروي عن علي - رضي الله عنه - تحت السرة، وفي إسناده ضعف" [سنن البيهقي (٢/ ٣١)].
ونقل ابن عبد البر اختلافهم في موضع اليدين، فقال الشافعي: عند الصدر، وقال الثوري وأبو حنيفة وإسحاق: أسفل السرة، وقال أحمد بن حنبل: فوق السرة، وإن كانت تحت السرة فلا بأس به [التمهيد (٢٠/ ٧٥)] [وانظر: الأوسط (٣/ ٩٣)].
قلت: الأمر في هذا واسع؛ كما قال أحمد والترمذي.
• الثالثة: هل يضع اليمنى على اليسرى بعد الرفع من الركوع، أم يسدل؟
قال صالح بن أحمد لأبيه: "قلت: كيف يضع الرجل يده بعد ما يرفع رأسه من الركوع، أيضع اليمنى على الشمال، أم يسدلهما؟ قال: أرجو أن لا يضيق ذلك إن شاء الله" [مسائل صالح (٦١٥)].
قلت: ويمكن لمن قال بوضع اليمين على الشمال أن يستدل بعموم ما رواه:
عبد الله بن المبارك، عن موسى بن عمير العنبري، وقيس بن سليم العنبري، قالا: نا علقمة بن وائل، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان قائمًا في الصلاة قبض بيمينه على شماله.
وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (٧٢٣).
فقوله هنا: "إذا كان قائمًا في الصلاة" يشمل كل قيام في الصلاة، سواء كان قبل الركوع، أم بعده، والأمر واسع، والله أعلم.
• الرابعة: هل يرسل يديه بعد التكبير إرسالًا بليغًا، أم يضع اليمنى على اليسرى مباشرة بغير إرسال؟
السُّنَّة: وضع اليمنى على اليسرى بعد رفعهما لتكبيرة الافتتاح، وما احتجوا به على الإرسال، فهو حديث موضوع؛ فقد احتجوا بحديث معاذ بن جبل، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في صلاته رفع يديه قبالة أذنيه، فإذا كبر أرسلهما ... ، الحديث، وقد تقدم ذكره في الشواهد برقم (١٣).
• الخامسة: الحكمة من وضع اليدين:
قال مهاجر النبال: "ذلُّ بين يدي عزٍّ" [الأوسط (٣/ ٩٤)، الفتح لابن رجب (٤/ ٣٣٤)].
وقال النووي في شرح مسلم (٤/ ١١٥): "قال العلماء: والحكمة في وضع إحداهما على الأخرى: أنه أقرب إلى الخشوع، ومنعهما من العبث، والله أعلم".
وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٢٤): "قال العلماء: الحكمة في هذه الهيئة: أنه صفة السائل الذليل، وهو أمنع من العبث، وأقرب إلى الخشوع".