للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٠/ ٧٤): "لم تختلف الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب، ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافًا؛ إلا شيء روي عن ابن الزبير؛ أنه كان يرسل يديه إذا صلى، وقد روي عنه خلافه، مما قدمنا ذكره عنه، وذلك قوله: وضع اليمين على الشمال من السُّنَّة، وعلى هذا جمهور التابعين، وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر".

ثم ذكر اختلاف الفقهاء في ذلك، وأن الجمهور ومنهم: سفيان الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وأصحابهم، والحسن بن صالح، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وداود بن علي، والطبري: على أن يضع المصلي يمينه على شماله في الفريضة والنافلة، وقالوا كلهم: وذلك سُنَّة مسنونة.

وممن خالف في ذلك: مالك [واختلفت الرواية عنه]، والليث بن سعد، وعطاء، وابن جريج، والأوزاعي.

ثم قال ابن عبد البر بعد أن ذكر ما روي من خلاف في ذلك عن بعض التابعين، قال: "وليس بخلاف؛ لأنه لا يثبت عن واحد منهم كراهية، ولو ثبت ذلك ما كانت فيه حجة؛ لأن الحجة في السُّنَّة لمن اتبعها، ومن خالفها فهو محجوج بها، ولا سيما سُنَّة لم يثبت عن واحد من الصحابة خلافها".

• الثانية: موضع اليدين، أين يضعهما؟

قال عبد الله ابن الإمام أحمد في مسائله (٢٦٠): "رأيت أبي إذا صلى وضع يديه أحدهما على الأخرى فوق السرة".

وقال أبو داود في مسائله لأحمد (٢٢٠ و ٢٢١): "وسمعته سئل عن وضعه؟ فقال: فوق السرة قليلًا، وإن كان تحت السرة فلا بأس، وسمعته يقول: يكره أن يكون -يعني: وضع اليدين- عند الصدر".

وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (٢١١): "قلت: أين يضع يمينه على شماله؟ قال: كل هذا عندي واسع، قلت: إذا وضع يمينه على شماله، أين يضعهما؟ قال: فوق السُّرَّة وتحته، كل هذا واسع، كل هذا ليس بذاك، قال إسحاق: كما قال، تحت السُّرَّة أقوى في الحديث، وأقرب إلى التواضع".

وقال الترمذي: "ورأى بعضهم أن يضعهما فوق السرة، ورأى بعضهم أن يضعهما تحت السرة، وكل ذلك واسع عندهم".

وقال ابن المنذر في الأوسط (٣/ ٩٤) بعد أن ذكر بعض ما روي في الباب: "وقال قائل: ليس في المكان الذي يضع عليه اليد خبر يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن شاء وضعهما تحت السرة، وإن شاء فوقها، وقد روي عن مهاجر النبال أنه قال: وضع اليمنى على الشمال ذُلٌّ بين يدي عِزٍّ".

قلت: وهو كما قال؛ لم يثبت فيه حديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>