الرازي بعض تلك الأحاديث؛ فرآها مشابهة لحديث إسحاق بن أبي فروة [انظر: العلل لابن أبي حاتم (٢/ ١٧٣/ ٢٠١١) (٥/ ٣٢٠/ ٢٠١١ - ط د. سعد الحميد)، شرح علل الترمذي (٢/ ٨٦٢)، فتح الباري لابن رجب (٣/ ٤٦٣)، تخريج الذكر والدعاء (١/ ١٥٧ و ١٦٠)].
وعلى هذا فإن رواية شريح بن يزيد وبشر بن شعيب الأقرب فيها عندي أن الوهم فيها من شعيب نفسه، حيث تتابع اثنان من الثقات عن شعيب به بهذا الإسناد: محمد بن المنكدر عن جابر، ويكون الوهم دخل فيه على شعيب من هذا الكتاب [وانظر في هذا المعنى: الحديث السابق برقم (١٩٢)].
وقد بيَّنت روايةُ ابن حمير أن حديث شعيب هذا قد رجع إلى حديث الأعرج، والمحفوظ فيه: الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب.
ثم تبين لنا أن هذا الحديث إنما حمله شعيب عن إسحاق بن أبي فروة، وأن الحمل فيه عليه، قال ابن أبي حاتم في العلل (١/ ١٥٦/ ٤٣٨): "سألت أبي عن حديث رواه ابن حمير، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن محمد بن مسلمة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام يصلي، قال: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا} " إلى آخر الآية [الأنعام: ٧٩]؟
قال أبي: هذا من حديث إسحاق بن أبي فروة، يُروَى: شعيب عن إسحاق بن أبي فروة".
وقد سئل الدارقطني عن الاختلاف في حديث جابر هذا؛ فقال: "يرويه شعيب بن أبي حمزة، واختلف عنه:
فرواه أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرمي، عن شعيب، عن ابن المنكدر، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وغيره يرويه عن شعيب، عن ابن المنكدر، عن عبد الرحمن الأعرج، عن محمد بن مسلمة.
والمحفوظ: عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب" [العلل (١٣/ ٣٣١/ ٣٢٠٧)، [وانظر أيضًا: العلل (١٤/ ١٢/ ٣٣٨١)،.
وتصرُّف أبي داود هنا في السنن بعدم إيراد الحديث المرفوع فيه إشارة إلى إعلاله له، والله أعلم.
وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي (٢/ ٨٦٣) بعد كلامٍ عن رواية شعيب عن ابن المنكدر: "ومصداق ذلك: ما ذكره أبو حاتم؛ أن شعيب بن أبي حمزة روى عن ابن المنكدر عن جابر: حديث الاستفتاح في الصلاة، بنحو سياق حديث علي.
وروي عن شعيب، عن ابن المنكدر، عن الأعرج، عن محمد بن مسلمة، فرجع الحديث إلى الأعرج.