لكن هشيمًا خالف في متنه أصحاب يونس، مثل: ابن علية ويزيد بن زريع وغيرهما، حيث جعل السكتة الثانية بعد قول الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ}؛ وهو شاذ، تقدم التنبيه عليه في حديث يونس برقم (٧٧٧)، والله أعلم.
فهل حمل هشيمٌ لفظَ يونس على لفظِ منصور؟ فاللَّه أعلم؛ لكن تبقى رواية الجماعة عن الحسن هي الصواب، وهي جعل السكتة الثانية بعد الفراغ من القراءة، واللَّه أعلم.
[وانظر فيما لم يسمعه هشيم من منصور، أو من يونس: تاريخ ابن معين للدوري (٤/ ١٤٥/ ٣٦٢٠)، العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٢٥٥/ ٢١٦٨) و (٢/ ٢٧٩/ ٢٢٥٣)].
• وقد رواه جماعة من الثقات، فأبهموا من رواه عن الحسن، وهو ثابت عنه، كما تقدم بيانه، حيث رواه عن الحسن جماعة من أصحابه الثقات، مثل: يونس، ومنصور، وأشعث الحمراني، وحميد الطويل، وقتادة.
أ- رواه معمر، وابن جريج، عن غير واحد، عن الحسن، قال: كان سمرة بن جندب يؤمُّ الناس فكان يسكت سكتتين: إذا كبر للصلاة، وإذا فرغ من قراءة أم القرآن، فعاب عليه الناس، فكتب إلى أُبيِّ بن كعب في ذلك؛ أن الناس عابوا عليَّ، فنسيتُ وحفظوا، أو حفظتُ ونسوا، فكتب إليه أبيٌّ: بل حفظتَ ونسوا، فكان الحسن يقول: إذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن فاقرأ بها أنت.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ١٣٤/ ٢٧٩٢) و (٢/ ١٤١/ ٢٨٢٠).
تقدم بيان أن المحفوظ عن الحسن موصولًا برواية جماعة من ثقات أصحابه: أن السكتة الثانية هي بعد الفراغ من القراءة، والله أعلم.
ب- ورواه عوف بن أبي جميلة الأعرابي، قال: بلغني عن الحسن، عن سمرة بن جندب؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسكت سكتتين في الصلاة: سكتةً إذا كبر، وسكتةً إذا فرغ من قراءة السور.
أخرجه الروياني (٨٦٧).
وهذه الرواية موافقة لرواية الجماعة عن الحسن.
• وعلى هذا يتبين أن الراجح عن الحسن في هذا الحديث أنهما سكتتان، الأولى: بعد تكبيرة الإحرام، والثانية: بعد الفراغ من القراءة، ومن قال: بعد الفاتحة؛ فقد وهِم، قال البيهقي (٢/ ١٩٦): "ويحتمل أن يكون هذا التفسير وقع من رواية [كذا، ولعلها: من الرواة] عن الحسن فلذلك اختلفوا".
• ونختم طرق الحديث، بذكر رواية منكرة عن الحسن:
فقد روى حفص، عن عمرو، عن الحسن، قال: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سَكَتاتٍ: إذا افتتح التكبير حتى يقرأ الحمد، وإذا فرغ من الحمد حتى يقرأ السورة، وإذا فرغ من السورة حتى يركع.
أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٢٤٧/ ٢٨٣٧)، عن حفص به.