الرجل: بسم الله الرحمن الرحيم، ويتعوذ من الشيطان الرجيم في كل ركعة، وفي كل سورة يفتتحها؟ فقال: أخبرني قتادة، عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين وسمرة بن جندب، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال:"هما السكتتان، يفعل ذلك في نفسه إذا افتتح الصلاة، وإذا نهض من الجلوس في الركعتين".
قال الهيثمي في المجمع (٢/ ١٠٨): "رواه الطبراني في الكبير، وفيه ريحان أبو غسان، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".
قلت: هو حديث باطل، لا هو من حديث ابن سيرين، ولا من حديث قتادة، وريحان أبو غسان هذا لم أقف له على ترجمة؛ إلا في المقتنى (٤٩٢٠)، بما يدل على جهالته، وأستبعد أن يكون تحرف عن روح أبي غسان، وهو: روح بن حاتم أبو غسان البصري، وقيل: كوفي، وهو: صدوق مشهور، من شيوخ البزار [الجرح والتعديل (٣/ ٥٠٠)، وقال:"روى عنه أُبي، وسئل عنه؟ فقال: صدوق"، مسند البزار (١٥/ ٢٥٣/ ٨٧١٥)، وقال:"وكان من الفهماء الثقات"، الثقات (٨/ ٢٤٤)، وقال:"مستقيم الحديث"، وصحح له (٦٥٣٣)]، وقد ذكره المزي فيمن روى عن الصلت الخاركي [التهذيب (١٣/ ٢٢٩)]، وله عند البزار رواية عن الصلت [البحر الزخار (١٣/ ٢٣٤/ ٦٧٣٢)]، والله أعلم.
وعلى فرض كونه روح بن حاتم؛ فهو إسناد غريب جدًّا؛ وقد خالف فيه مطرٌ الوراق [على ما فيه من ضعف] سعيدَ بن أبي عروبة، الثقة الثبت، المقدَّم في أصحاب قتادة، فهو على ذلك أيضًا: منكر من حديث قتادة، والله أعلم.
وقد روى هشام بن حسان عن ابن سيرين؛ أنه كان يستعيذ في كل ركعة، هكذا من فعله، مقطوعًا عليه [مصنف عبد الرزاق (٢/ ٨٦/ ٢٥٩١)، الأوسط لابن المنذر (٣/ ٨٩)، المحلى (٣/ ٢٤٩)، سنن البيهقي (٢/ ٣٦)].
• والحاصل: فإن رواية قتادة في المحفوظ عنه [فيما رواه يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة]: موافقة لرواية الجماعة عن الحسن [يونس بن عبيد، وأشعث بن عبد الملك الحمراني، وحميد الطويل]؛ في موضع السكتتين، الأولى: عند الاستفتاح، والثانية: قبل الركوع، وبعد الفراغ من القراءة، والله أعلم.
• والحديث قد رواه أيضًا: هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، قال: أنبأنا منصور ويونس، عن الحسن، عن سمرة بن جندب؛ أنه كان إذا صلى بهم سكت سكتتين: إذا افتتح الصلاة، وإذا قال:{وَلَا الضَّالِّينَ} سكت أيضًا هُنَيَّةً، فأنكروا ذلك عليه، فكتب إلى أُبيِّ بن كعب، فكتب إليهم أُبيٌّ: إن الأمر كما صنع سمرة.
أخرجه أحمد (٥/ ٢٣).
وهذه متابعة أخرى لمن روى الحديث عن الحسن، ومنصور بن زاذان: ثقة ثبت، كبير الشأن، من أصحاب الحسن، وهشيم أروى الناس عنه، وأعلمهم بحديثه [انظر: العلل ومعرفة الرجال (١/ ٥٤٢/ ١٢٨٧)، الجرح والتعديل (٩/ ١١٥)].