للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الترمذي: "وفي الباب عن أبي هريرة، حديث سمرة حديث حسن، وهو قول غير واحد من أهل العلم: يستحبون للإمام أن يسكت بعدما يفتتح الصلاة، وبعد الفراغ من القراءة، وبه يقول أحمد وإسحاق وأصحابنا".

• فإن قيل: السكتة الأولى خاصة بالركعة الأولى، أم تعمُّ كلَّ الركعات؟

فيقال: روى في ذلك عبد الواحد بن زياد: ثنا عمارة بن القعقاع: ثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير: ثنا أبو هريرة، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نهض في الثانية استفتح بالحمد لله رب العالمين، ولم يسكت.

وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه آنفًا.

قال البيهقي: "وفيه دلالة على أنه لا سكتة في الركعة الثانية قبل القراءة، وهو حديث صحيح، ويحتمل أنه أراد به أنه لا يسكت في الثانية كسكوته في الأولى للاستفتاح، والله أعلم".

• وإن قيل: ما يقول المأموم في السكتتين؟

فيقال: أما الأولى فالجواب عنها في حديث أبي هريرة، أنها لدعاء الاستفتاح.

وأما الثانية، فهي قصيرة، والظاهر أنها لاستراحة الإمام عند فراغه من القراءة، وللفصل بين القراءة والركوع، ولا يقول المأموم فيها شيئًا.

قال شيخ الإسلام: "ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان يسكت سكتة تتسع لقراءة الفاتحة؛ لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فلما لم يَنقُل هذا أحدٌ عُلِم أنه لم يكن، والسكتة الثانية في حديث سمرة قد نفاها عمران بن حصين، وذلك أنها سكتة يسيرة، قد لا ينضبط مثلها، وقد روي أنها بعد الفاتحة، ومعلوم أنه لم يسكت إلا سكتتين فعلم أن إحداهما طويلة، والأخرى بكل حال لم تكن طويلة متسعة لقراءة الفاتحة، وأيضًا فلو كان الصحابة كلهم يقرؤون الفاتحة خلفه إما في السكتة الأولى وإما في الثانية لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فكيف ولم يَنقُل هذا أحدٌ عن أحدٍ من الصحابة أنهم كانوا في السكتة الثانية خلفه يقرؤون الفاتحة، مع أن ذلك لو كان مشروعًا لكان الصحابة أحق الناس بعلمه وعمله؛ فَعُلِم أنه بدعة" [مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٧٨)] [وانظر: زاد المعاد (١/ ٢٠٨)].

وقال ابن القيم في الصلاة وحكم تاركها (٢٣٠): "وبالجملة فلم يُنقَل عنه - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه كان يسكت بعد قراءة الفاتحة حتى يقرأها من خلفه، وليس في سكوته في هذا المحل إلا هذا الحديث المختلف فيه كما رأيت، ولو كان يسكت هنا سكتةً طويلةً يدرك فيها قراءة الفاتحة لما اختفى ذلك على الصحابة، ولكان معرفتهم به ونقلهم أهم من سكتة الافتتاح".

• قلت: وأما حديث: "من صلى صلاة مكتوبة مع الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب في سكتاته، ومن انتهى إلى أم القرآن فقد أجزأه"؛ فقد رواه فيض بن إسحاق الرقي: ثنا

<<  <  ج: ص:  >  >>