عدم قراءة البسملة في أول السورة، ولا شك أن هذا لا ينفي فراءتها سرًّا، وإنما غايته أن أنسًا لم يسمع قراءة البسملة جهرًا، والله أعلم.
وهقل بن زياد: ثقة حافظ، من أثبت أصحاب الأوزاعي، وجعله بعضُ الأئمة أثبتَ أصحاب الأوزاعي وأعلمَهم بحديثه بإطلاق [التهذيب (٤/ ٢٨٣)].
ب- ورواه أيضًا: الوليد بن مسلم، ومحمد بن كثير:
عن الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان، فكلهم يفتتح القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، لا يقرؤون: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أول السورة، ولا في آخرها.
أكثر الرواة لم يذكروا: لا يقرؤون:. . . إلخ، وهي زيادة ثابتة من حديث الوليد بن مسلم، رواها عنه: صفوان بن صالح الدمشقي، وهو: ثقة، من أصحاب الوليد، والأقرب عندي: أن رواية محمد بن مهران مثل رواية صفوان، فإنه وإن لم يسق متن حديث إسحاق، إلا أنه أحال على حديث قتادة، وهو بهذه الزيادة.
أخرجه مسلم (٣٩٩/ ٥٢) [وأحال لفظه على لفظ قتادة]، والبخاري في القراءة خلف الإمام (١٢٨)، وأبو عوانة (١/ ٤٤٨/ ١٦٥٨)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (٢/ ٢٣/ ٨٨٧)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (٢٥٤٣ - ٢٥٤٥)، والطحاوي (١/ ٢٠٣)، والدارقطني (١/ ٣١٦)، وأبو طاهر المخلص في التاسع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (٢٥٧) (٢١٤٤ - المخلصيات) [واللفظ له بإسناد صحيح إلى الوليد بن مسلم]، وابن عبد البر في الإنصاف (٢٨ و ٢٩)، وابن الجوزي في التحقيق (٤٤٥).
وكذا في رواية الثقات من أصحاب الوليد بن مسلم [محمد بن مهران الجمال، وصفوان بن صالح، ودحيم عبد الرحمن بن إبراهيم، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وأبو همام الوليد بن شجاع السكوني]، قالوا: يفتتح القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
وخالفهم: هشام بن عمار، فرواه عن الوليد بلفظ: كنا نصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بأم القرآن، فيما يُجهر فيه. وهو شاذ بهذا اللفظ [هذه الرواية عند الدارقطني وابن الجوزي] [وقرن أبو نعيم في المستخرج بين هشام ودحيم على هذا اللفظ، لكن لا يستبعد حمل لفظ دحيم على لفظ هشام، والله أعلم] [وصرح ابن حجر في النكت (٢/ ٧٦٤) بأنها رواية بالمعنى، فلا تنتهض الحجة بذلك].
بل لقد صح عن هشام بن عمار، أنه قال: ثنا الوليد بن مسلم، وعبد الحميد بن أبي العشرين، قالا: ثنا الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا لا يجهرون بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
أخرجه الخطيب في الجهر بالبسملة (٣٦ - مختصره للذهبي).