للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد روى أبو الجوزاء هذا عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة، وقتل في الجماجم سنة ثلاث وثمانين من الهجرة، ولم يخرج البخاري له عن عائشة شيئًا، وبالله التوفيق.

وقد روى هذا الحديث أعني حديث أبي الجوزاء: إبراهيم بن طهمان الهروي، وهو من الثقات الذين اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديثهم في الصحيحين، عن بديل العقيلي، عن أبي الجوزاء، قال: أرسلتُ رسولًا إلى عائشة - رضي الله عنها -، أسألها عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كان يفتتح الصلاة بالتكبير، الحديث"، ثم أسنده إلى ابن طهمان، ثم قال: "وهذا الحديث مخرج في كتاب الصلاة لأبي بكر جعفر بن محمد بن الحسين الفريابي، وهو إمام من أئمة أهل النقل، ثقة مشهور، وإسناده إسناد جيد، لا أعلم في أحد من رجاله طعنًا، وقول أبي الجوزاء فيه: أرسلت إلى عائشة يؤيد ما ذكر ابن عبد البر، والله أعلم".

قلت: رواه جعفر الفريابي، قال: حدثنا مزاحم بن سعيد: أخبرنا عبد الله بن المبارك: حدثنا إبراهيم به.

وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي الحسن مزاحم بن سعيد المروزي: شيخ لجعفر الفريابي، وقد أكثر عنه في مصنفاته، يروي عن عبد الله بن المبارك المروزي وغيره، ولم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل، سوى قول العطار: وإسناده إسناد جيد، لا أعلم في أحد من رجاله طعنًا"، وهو مذكور في مشيخة أبي بكر الفريابي التي رتبها المزي على المعجم [كما في سير أعلام النبلاء (١٤/ ١٠٤)].

وقد روي عن ابن طهمان من وجه آخر، لكن بدون ذكر قصة الرسول، أعني بإسقاط الواسطة بين أبي الجوزاء وعائشة.

أخرجه ابن بشران في جزء فيه سبعة مجالس من أماليه (٣١)، وأبو علي بن شاذان في الأول من حديثه (٤٣)، بطرف من الحديث.

لكنه لا يصح عن ابن طهمان؛ ففي الإسناد إليه: محمد بن عيسى بن حيان المدائني: وهو ضعيف، كان مغفلًا، لم يكن يدري ما الحديث، حدث عن مشايخه بما لا يتابع عليه، وقال الدارقطني والحاكم: "متروك"، ومشاه بعضهم [اللسان (٧/ ٤٢٨)].

وأما قول البخاري: "في إسناده نظر"، فقد حمله العقيلي في ضعفائه على تضعيف أبي الجوزاء نفسه، حيث ترجم له في ضعفائه (١/ ١٢٤)، ثم أورد قول البخاري، ثم حمَّل أبا الجوزاء تبعة حديثه عن عبد الله بن عمرو في صلاة التسابيح، ثم قال: "ليس في صلاة التسابيح حديث يثبت"، وقد أخطأ العقيلي في هذا من وجوه، حيث حمَّل كلام البخاري ما لا يحتمله، وأبو الجوزاء برئ من تبعة الحديث، ففي الإسناد إليه: يحيى بن سليم الطائفي [ويقال له أحيانًا: يحيى بن سليمان]، وهو: صدوق، سيئ الحفظ، له أحاديث غلِط فيها [انظر: التهذيب (٤/ ٣٦٢) وغيره]، والراوي عنه: نعيم بن حماد، وهو: ضعيف، وأحسن أحواله أن يقال فيه: صدوق، كثير الوهم والخطأ، له مناكير كثيرة تفرد بها عن الثقات المشاهير [انظر: التهذيب (٤/ ٢٣٤)، الميزان (٤/ ٢٦٧)].

<<  <  ج: ص:  >  >>