قلت: قد اشتبه على البعض أن القائل بذلك هو الإمام العلم المجتهد أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري، دهانما هو الرافضي الخبيث: محمد بن جرير بن رستم أبو جعفر الطبري: كان يضع للروافض، وله مؤلفات، قال العراقي في الذيل (٦٣٧): "ولعل ما حكي عن محمد بن جرير الطبري من الاكتفاء في الوضوء بمسح الرجلين: إنما هو عن هذا الرافضي، فإنه مذهب الشيعة، والله أعلم" [وانظر: اللسان (٧/ ٢٦ و ٢٩)].
وقد لخص العلامة محمد الأمين الشنقيطي ما ذهب إليه ابن جرير الطبري في تفسيره بقوله:"وجمع ابن جرير الطبري في تفسيره (٤/ ٤٧١ - ٤٧٦) بين قراءة النصب والجر، بأن قراءة النصب يراد بها غسل الرجلين؛ لأنَّ العطف فيها على الوجوه والأيدي إلى المرافق، وهما من المغسولات بلا نزاع، وأن قراءة الخفض يراد بها المسح مع الغسل، يعني: الدلك باليد أو غيرها" [أضواء البيان (٢/ ١٢)].
ونص ابن جرير في تفسيره (٤/ ٤٧١): "فوجه صواب قراءةِ من قرأ ذلك نصبًا: لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليها.
ووجه صواب قراءةِ من قرأه خفضًا: لما في ذلك من إمرار اليد عليهما أو قام مقام اليد مسحًا بهما" وإذا قرأت كلامه بتمامه ظهر لك مراده كما لخصه الشنقيطي.
٢ - ومن فقه هذا الحديث: أن الأعقاب إنما خصت بالذكر لصورة السبب - كما تقدم في حديث عبد الله بن عمرو -، فيلتحق بها ما في معناها من جميع الأعضاء التي قد يحصل التساهل في إسباغها، لذا فقد جاء في الأحاديث الصحيحة الوعيد لمن لم يغسل العقب والعرقوب وبطن القدم لوقوع التساهل في عدم إيصال الماء إليها، وما في معناها له حكمها، إذ لا معنى للتخصيص بها [فتح الباري (١/ ٣٢١)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (١/ ٢٣٦)، إحكام الأحكام (١/ ٦٦)، وغيرها].
٣ - قال البغوي في شرح السُّنَّة (١/ ٣١٣): "ومعنى قوله: "ويل للأعقاب من النار": أصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها، كما قال الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢]؛ أي: أهل القرية، وقيل: أراد أن العقب يخص بالعذاب إذا قصر في غسلها، والعقب: ما أصاب الأرض من مؤخَّر الرِّجْل إلى موضع الشراك" [وانظر: الإعلام (١/ ٢٣٦) وغيره].
٤ - وقع في حديث ابن عمرو من رواية أبي يحيى: أن الإنكار عليهم كان لأجل عدم غسل الأعقاب "وأعقبهم تلوح لم يمسها الماء"، وفي رواية ابن ماهك: أن الإنكار كان بسبب المسح "فجعلنا نمسح على أرجلنا" فيجمع بينهما، بأن الفرض غسل القدمين، مع تعاهد الأعقاب والعراقيب وبطون الأقدام بمزيد عناية من الغسل لإيصال الماء إليها، والله أعلم [وانظر: الفتح (١/ ٣١٩)، إحكام الأحكام (١/ ٦٦)، الأعلام (١/ ٢٤٠)].
٥ - فيه حجة لأهل السُّنَّة أن التعذيب يقع على الجسد والروح معًا [الإعلام ١/ ٢٤١)].