جاء في ألفاظ هذا الحديث:"ويل للأعقاب من النار"، "ويل للعراقيب من النار"، "ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار"، "ويل للعقب من النار".
فشمل الوعيد: العقب والعرقوب وبطن القدم، أما الأخير فمعروف، وأما العقب: فهو مؤخر القدم [القاموس (١٤٩) وغيره]، وأما العرقوب: فهو الوتر الَّذي خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق من ذوات الأربع، وهو من الإنسان فويق العقب [النهاية (٣/ ٢٢١)]، وفي تهذيب اللغة (٣/ ٢٤١١ - معجمه): جعقب [يعني: عصب، مُوَتَّر خلف الكعبين]، وفي الصحاح (١/ ١٨٥): "العصب الغليظ الموتر فوق عقب إنسان"، ونقله ابن الملقن في الأعلام (١/ ٢٣٥).
١ - قال الشافعي في اختلاف الحديث (١٧٠): "فلا يجزئ متوضئ إلا أن يغسل ظهور قدميه وبطونهما وأعقابهما وكعبيه معًا" وانظر: الرسالة (٢٩).
قال الترمذي:"وفقه هذا الحديث: أنَّه لا يجوز المسح على القدمين إذا لم يكن عليهما خفان أو جوربان" [الجامع (٤١)].
وقد استدل عامة أصحاب الحديث بهذا الحديث على وجوب غسل الرجلين خلافًا للشيعة القائلين بالمسح، قال الأزهري في تهذيب اللغة (٣/ ٢٥٠٨ - معجمه): "وهذا يدل على أن المسح على القدمين غير جائز، وأنه لا بد من غسل الرجلين إلى الكعبين؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يوعد بالنار إلا في ترك العبد ما فرض عليه، وهو قول أكثر أهل العلم".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٩/ ٢٨٤): "في هذا الحديث من الفقه: إيجاب غسل الرجلين، وفي ذلك تفسير لقول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة: ٦]، وبيان أنَّه أراد الغسل لا المسح، كان كانت قد قرئت: "وَأَرْجُلِكُمْ" بالجر، فذلك معطوف على اللفظ دون المعنى، والمعنى فيه الغسل على التقديم والتأخير ... ، ولو لم يكن الغسل واجبًا ما خوَّف من لم يغسل عقبيه وعرقوبيه بالنار؛ لأنَّ المسح ليس من شأنه الاستيعاب، ولا يبلغ به العراقيب ولا الأعقاب".
وقال البغوي في شرح السُّنَّة (١/ ٣١٣): "فيه دليل على وجوب غسل الرجلين في الوضوء، وهو المنقول من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفعل الصحابة"، وذهبت الشيعة إلى أنَّه يمسح على الرجلين، ويحكى عن محمد بن جرير أنَّه قال: يتخير بين المسح والغسل لقوله سبحانه وتعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ}[المائدة: ٦] ... ".
قال ابن القيم في تهذيب السنن (١/ ٩٨): "وأما حكايته عن ابن جرير فغلظٌ بيِّن، وهذه كتبه وتفسيره كلُّه يكذب هذا النقل عليه، وإنما دخلت الشبهة لأنَّ ابن جرير القائل بهذه المقالة رجل آخر من الشيعة يوافقه في اسمه واسم أبيه، وقد رأيت له مؤلفات في أصول مذهب الشيعة وفروعهم".
وقال الذهبي في السير (١٤/ ٢٧٧): "وبعضهم ينقل عنه أنَّه كان يجيز مسح الرجلين في الوضوء، ولم نر ذلك في كتبه".