عروة، عن عروة في حديث زيد بن ثابت في القراءة بالأعراف في المغرب، على اختلافٍ بينهم
في إسناده، وتقدم كان أن المحفوظ: حديث ابن أبي مليكة، عن عروة، عن مروان، عن زيد.
ويؤيد أنَّه لا معارضة بينهما أن هشام بن عروة هو راوي الخبرين جميعًا.
فإذا كان الخبران ثابتان من جهة الرواية، فهل يقال حينئذ بأن أحدهما ناسخ للآخر؟
الجواب: لا؛ حتَّى يأتينا خبر في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على هذا النسخ؛ وكيف يكون هذا؟ وقد روت أم الفضل بنت الحارث ما ينفي ذلك! فقد قالت: إنها لآخر ما سمعتُ رسولًا الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في المغرب، تعني: سورة المرسلات، وقالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بـ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}، ثم ما صلى لنا بعدها حتَّى قبضه الله [راجع الحديث المتقدم برقم (٨١٠)].
قال ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود (٣/ ٧٧) بعد حديث أم الفضل هذا: "وهذا يدل على أن هذا الفعل غير منسوخ؛ لأنَّه كان في آخر حياته - صلى الله عليه وسلم -" [وانظر: الإحكام لابن حزم (٢/ ٢٢٥)].
فإن قيل: الكلام هنا عن القراءة بالأعراف وهي من أطول سور القرآن، وما عارضتم به من سورة المرسلات إنما هي من أوساط المفصل؟
فيقال: يكفي هذا في نقض القول بأن السُّنَّة هي القراءة في المغرب بقصار المفصل على الدوام، إذ قد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قرأ فيها بالطور والمرسلات، لا سيما بالمرسلات في آخر حياته - صلى الله عليه وسلم -، وأما حديث زيد في القراءة فيها بالأعراف؛ فقد سبق كان تأويله، بحمل إنكار زيد على مداومة مروان على القراءة في المغرب بقصار المفصل، ومجانبته ما عداه، وأنه ما أراد بذلك بيانَ مداومة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على القراءة بالأعراف، وإنما يُحملُ هذا على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما فعل ذلك مرة واحدة، أو كان فعلُه لها نادرًا، بحسب ما اقتضته مصلحةٌ حاضرةٌ، وراجع ما كتبته هناك، والله أعلم.
***
٨١٤ - . . . وهب بن جرير: حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق، يحدث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أنَّه قال: ما من المفصَّل سورةٌ صغيرةٌ ولا كبيرةٌ إلا وقد سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يؤمُّ الناسَ بها في الصلاة المكتوبة.
• حديث حسن.
أخرجه البيهقي (٢/ ٣٨٨).
وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو: سلسلة يحتج بها إذا لم تأت بمنكر، بعضها سماع، وبعضها وجادة صحيحة، وقد تقدم الكلام عليها مفصلًا عند الحديث رقم (١٣٥).