أحيانًا وراء الإمام؟ قال: اقرأ بها في نفسك، وروى أبو عثمان النهدي، عن أبي هريرة، قال: أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أنادي أن "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب"، واختار أكثر أصحاب الحديث أن لا يقرأ الرجل إذا جهر الإمام بالقراءة، وقالوا: يتتبع سكتات الإمام، وقد اختلف أهل العلم في القراءة خلف الإمام، فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين ومن بعدهم: القراءة خلف الإمام، وبه يقول مالك بن أَنس، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وروي عن عبد الله بن المبارك أنَّه قال: أنا أقرأ خلف الإمام والناس يقرؤون إلا قومًا من الكوفيين، وأرى أن من لم يقرأ صلاته جائزة، وشدَّد قوم من أهل العلم في ترك قراءة فاتحة الكتاب وإن كان خلف الإمام، فقالوا: لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، وحده كان أو خلف الإمام، وذهبوا إلى ما روى عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقرأ عبادة بن الصامت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف الإمام، وتأوَّل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب"، وبه يقول الشافعي، وإسحاق، وغيرهما، وأما أحمد بن حنبل فقال: معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" إذا كان وحده، واحتج بحديث جابر بن عبد الله حيث قال: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأُم القرآن فلم يصلِّ إلا أن يكون وراء الإمام، قال أحمد: فهذا رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - تأوَّل قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" أن هذا إذا كان وحده، واختار أحمد مع هذا القراءة خلف الإمام، وأن لا يترك الرجل فاتحة الكتاب وإن كان خلف الإمام".
وقال بعد حديث عبادة (٢٤٧): "حديث عبادة: حديث حسن صحيح.
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، منهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وعمران بن حصين، وغيرهم، قالوا: لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، وقال علي بن أبي طالب: كل صلاة لم يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج غير تمام، وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق".
وقال ابن المنذر في الأوسط (٣/ ١٠١): "وكان مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ومن تبعهم من أهل العلم؛ يوجبون قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة.
وقد اختلف أهل العلم في معنى قوله:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، فقالت طائفة: إنما خوطب به من صلى وحده، فأما من صلى وراء إمام فليس عليه أن يقرأ؛ لأنَّ قراءة الإمام له قراءة، واحتجوا بأخبار لا تثبت".
ثم ذكر ما روي عن الصحابة في ذلك، وبعضه لا يثبت، وبعضه صحيح لا غبار عليه، ويمكن حمل الصحيح منه على ترك القراءة فيما جهر فيه الإمام، والقراءة إذا لم يجهر، ثم قال (٣/ ١٠٣): "وهذا قول سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وكان سفيان بن عيينة يقول: تفسير الحديث الَّذي قال: "لا صلاة إن لم يقرأ بفاتحة الكتاب": إذا كان