وحده، فإذا كان مع الإمام فقراءة الإمام له قراءة" [(٣/ ٢٥٧ - ط الفلاح)].
ثم قال: "وقالت طائفة: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" على العموم إلا أن يصلي خلف إمام فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة، وسمع قراءته، فإن هذا موضع مستثنى بالكتاب والسُّنَّة، فأما الكتاب فقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)} [الأعراف: ٢٠٤]، وأما السُّنَّة فقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا"[وقد سبق أن بينت شذوذ هذه الزيادة]، وقد ثبت أن عبد الله بن مسعود سأله رجل، فقال: أقرأ خلف الإمام؟، قال: أنصت للقرآن، وروي عنه أنَّه قرأ في العصر خلف الإمام في الركعتين بفاتحة الكتاب وسورة".
ثم حمل هذا على حال، وهذا على حال لتأتلف النصوص، وعضد ذلك بما روي عن الصحابة في القراءة خلف الإمام في السرية، والإنصات له فيما جهر.
ثم قال: [وقد روينا عن ابن عباس، وأبي هريرة، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وجماعة غيرهم؛ أنهم قالوا في قوله:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}: إنها في الصلاة المفروضة".
إلى أن قال (٣/ ١٠٥): "فقال بعض من يقول بهذا القول: لولا أنهم اتفقوا على أن الآية إنما أنزلت في الصلاة أو في الصلاة والخطبة؛ لوجب بظاهر الكتاب على كل من سمع قارئًا يقرأ أن يستمع لقراءته؛ لقوله:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}، فلما أجمعوا على إسقاط وجوب الاستماع عن كل سامعٍ قارئًا يقرأ؛ إلا عن السامع لقراءة الإمام وهو خلفه، والسامع لخطبة الإمام، خرج ذلك عن عموم الكتاب وظاهره بالاتفاق، ووجب استعمال الآية على المأموم السامع لقراءة الإمام، واحتجوا مع ظاهر الكتاب بالخبر الَّذي روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "وَإِذَا قرأَ فَأَنْصِتُوا"".
ثم قال (٣/ ١٠٦): "وممن مذهبه أن لا يقرأ خلف الإمام فيما يجهر به الإمام، سمع المأموم قراءة الإمام أو لم يسمع، ويقرأ خلفه فيما لا يجهر به الإمام سرًّا في نفس المأموم: الزهري، ومالك بن أَنس، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق.
وقد كان الشافعي إذ هو بالعراق يقول: ومن كان خلف الإمام فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة فإن الله - صلى الله عليه وسلم - قول:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}، فهذا عندنا على القراءة التي يسمع خاصة، فكيف ينصت لما لا يسمع؟، ثم قال بمصر: فيها قولان: أحدهما: لا يجزئ من صلى معه إذا أمكنه أن يقرأ إلا أن يقرأ بأُم القرآن، والثاني: يجزيه أن لا يقرأ ويكتفي بقراءة الإمام".
ثم قال (٣/ ١٠٧): "وقالت طائفة: قوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" على العموم، يجب على المرء في كل ركعة قراءة فاتحة الكتاب صلاها منفردًا، أو كان إمامًا، أو كان مأمومًا خلف الإمام، فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة وفيما لا يجهر به؛ لظاهر حديث عبادة، وقال بعضهم: وقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ