للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى فرض صحته عند من يقول به، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كان معناه: "ثم إنه لما علم أنهم يقرؤون نهاهم عن القراءة بغير أم الكتاب، وما ذكر من التباس القراءة عليه تكون بالقراءة معه حال الجهر؛ سواء كان بالفاتحة أو غيرها، فالعلة متنأولة للأمرين، فإن ما يوجب ثقل القراءة والتباسها على الإمام منهي عنه، وهذا يفعله كثير من المؤتمين الذين يرون قراءة الفاتحة حال جهر الإمام واجبة أو مستحبة، فيثقلون القراءة على الإمام، ويلبسونها عليه، ويلبسون على من يقاربهم الإصغاء والاستماع الَّذي أمروا به، فيفوِّتون مقصود جهر الإمام، ومقصود استماع المأموم، ومعلوم أن مثل هذا يكون مكروهًا.

ثم إذا فرض أن جميع المأمومين يقرؤون خلفه فنفس جهره لا لمن يستمع؛ فلا يكون فيه فائدة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمن فأمنوا"، ويكونون قد أمنوا على قرآن لم يستمعوه، ولا استمعه أحد منهم، إلا أن يقال: إن السكوت يجب على الإمام بقدر ما يقرؤون، وهم لا يوجبون السكوت الَّذي يسع قدر القراءة، وإنما يستحبونه، فعلم أن استحباب السكوت يناسب استحباب القراءة فيه، ولو كانت القراءة على المأموم واجبة لوجب على الإمام أن يسكت بقدرها سكوتًا فيه ذكر، أو سكوتًا محضًا، ولا أعلم أحدًا أوجب السكوت لأجل قراءة المأموم" [مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣١٥)].

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٤٦٨)، وبنحوه في التمهيد (١١/ ٤٢): "فذهب الحسن وقتادة وجماعة إلى: أن الإمام يسكت سكتات على ما لي هذه الآثار المذكورة، ويتحين المأموم تلك السكتات من إمامه، فيقرأ فيها بأُم القرآن، ويسكت فيها في سائر صلاة الجهر، فيكون مستعملًا للسُّنَّة والآية في ذلك.

وقال الأوزاعي والشافعي وأبو ثور: حقٌّ على الإمام أن يسكت سكتةً بعد التكبيرة الأُولى، وسكتةً بعد فراغه بقراءة فاتحة الكتاب، وبعد الفراغ بالقراءة، ليقرأ من خلفه بفاتحة الكتاب، قالوا فإن لم يفعل الإمام فاقرأ معه بفاتحة الكتاب على كل حال.

وأما مالك فأنكر السكتات، ولم يعرفها، قال: لا يقرأ أحد مع الإمام إذا جهر، لا قبل القراءة ولا بعدها.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: ليس على الإمام أن يسكت إذا أكبر، ولا إذا فرغ من قراءة أم القرآن، ولا إذا فرغ من القراءة، ولا يقرأ أحد خلف إمامه، لا فيما أسر، ولا فيما جهر.

وهو قول زيد بن ثابت، وجابر بن عبد الله، وروي ذلك عن علي وابن مسعود، وبه قال الثوري وابن عيينة وابن أبي ليلى والحسن بن حي، وهو قول جماعة من التابعين بالعراق".

قلت: تقدم بيان المشروع في سكتات الإمام عند حديث سمرة برقم (٧٧٧)، وفيه: أنهما سكتتان، الأُولى: بعد تكبيرة الإحرام، وإنما هي لذكر الاستفتاح، والثانية: بعد الفراغ من القراءة، وإنما هي فصل بين القراءة وبين تكبير الركوع؛ لئلا يظن من لا يعلم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>