• وحاصل أقوال الأئمة في حديث ابن عمر هذا:
أنه حديث منكر؛ لتفرد الدراوردي به عن عبيد الله بن عمر العمري، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي: صدوق، إلا أن حديثه عن عبيد الله بن عمر: منكر، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر العمري [وهو: ضعيف] يرويه عن عبيد الله بن عمر.
قال أبو داود: "روى عبد العزيز عن عبيد الله أحاديث مناكير"، وقال النسائي: "الدراوردي: ليس به بأس، حديثه عن عبيد الله بن عمر: منكر"، وقال أحمد: "أحاديثه عن عبيد الله بن عمر تشبه أحاديث عبد الله بن عمر" [شرح علل الترمذي (٢/ ٨١٠)، التهذيب (٢/ ٥٩٣)، وفيه قول أحمد: "وربما قلب حديث عبد الله بن عمر، يرويها عن عبيد الله بن عمر"].
وقد اختلف فيه على الدراوردي، فمنهم من رواه عنه مرفوعًا، وهم الأكثر، ورواه أبو نعيم الحلبي عنه موقوفًا، ولعل هذا الاختلاف من الدراوردي نفسه، فإن الدراوردي وإن كان أحد علماء المدينة وثقاتهم، صحيح الكتاب، إلا أنه كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، فربما حدث بهذا الحديث من حفظه فوهم، أو دخل له حديث في حديث، وهو كان كان صحيح الكتاب؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا [انظر: التهذيب (٢/ ٥٩٢) وغيره].
ولذلك فلا يستبعد أن يكون دخل له حديث في حديث، وإنما أراد حديث نافع، عن ابن عمر: "أن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، وإذا رفعه فليرفعهما".
أو يكون أصله موقوفًا مقلوبًا، فقد رواه يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه، ويرفع يديه إذا رفع قبل ركبتيه.
أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٢٣٦/ ٢٧٠٥).
ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: صدوق، سيئ الحفظ جدًّا، وشيخ ابن أبي شيبة هو: أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي: صدوق، كثير الخطأ [اللسان (٨/ ٥١٨)، الجرح والتعديل (٩/ ٢٠١)].
قال ابن المنذر (٣/ ١٦٦): "وقد تُكلِّم في حديث ابن عمر، قيل: إن الذي يصح من حديث ابن عمر موقوف، وحديث وائل بن حجر: ثابت، وبه نقول".
• قلت: لا يصح في الباب حديث مرفوع.
وقال ابن المنذر: "وقد زعم بعض أصحابنا أن وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ".
قلت: احتج ابن خزيمة على ذلك بالحديث الذي رواه:
إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن سلمة، عن مصعب بن سعد، عن سعد، قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأُمرنا بالركبتين قبل اليدين.