للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: شتان ما بينهما، فحديث حذيفة ثابت، وحديث ابن عباس منكر.

وقال ابن قدامة في المغني (١/ ٣٠٩): "المستحب عند أبي عبد الله أن يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي، رب اغفر لي"، يكرر ذلك مرارًا، والواجب منه مرة وأدنى الكمال ثلاث"، إلى أن قال عن حديث حذيفة: "احتج به أحمد".

• تنبيه: روى حفص بن غياث، قال: حدثنا العلاء بن المسيّب، عن عمرو بن مرة، عن طلحة بن يزيد، عن حذيفة، وعن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة، قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليل يصلي، فجئت فقمت إلى جنبه، فافتتح البقرة. . . فذكر الحديث بنحو رواية الجماعة عن الأعمش؛ إلا أنَّه أدرج فيه من حديث العلاء بن المسيّب الدعاء بين السجدتين، فقال: ثمَّ رفع فقال: "رب اغفر لي" نحوًا مما سجد.

واقتصر ابن ماجه منه على هذه الجملة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي، رب اغفر لي".

أخرجه ابن ماجه (٨٩٧)، وابن خزيمة (٦٨٤).

قلت: هكذا وهم فيه حفص بن غياث، فأدخل حديثًا في حديث، وأدرج هذه الزيادة في حديث الأعمش، ذلك أن هذا الدعاء بين السجدتين إنما جاء من حديث طلحة بن يزيد عن رجل من بني عبس -وهو: صلة بن زفر-، عن حذيفة، ولم يأت من حديث المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة.

فقد رواه جماعة من أصحاب الأعمش، مثل: أبي معاوية، وشعبة، وعبد الله بن نمير، وجرير بن عبد الحميد، وزائدة بن قدامة، وسفيان الثوري، وأبي عوانة، ومحمد بن فضيل [وهم ثقات، وفيهم أثبت أصحاب الأعمش]؛ فلم يذكروا هذا الدعاء بين السجدتين في حديث الأعمش [راجع تخريجه في الذكر والدعاء برقم (٨٣)، ويصحح إسناده هناك، ويأتي في السنن برقم (٨٧١)].

• تنبيه آخر:

قد يفهم البعض من رواية: "رب اغفر لي، رب اغفر لي" الاقتصار على ذلك، بأن يقولها مرتين فقط، وهذا غلط؛ قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: "والتثنية يراد بها جنس التعديد من غير اقتصار على اثنين فقط، كما في قوله تعالى: {ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: ٤] يراد به مطلق العدد، كما تقول: قلت له مرة بعد مرة، تريد جنس العدد،. . .، كقول حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه جعل يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي، رب اغفر لي" لم يرد أن هذا قاله مرتين فقط كما يظنه بعض الناس الغالطين؛ بل يريد أنَّه جعل يثني هذا القول ويردده ويكرره، كما كان يثني لفظ التسبيح،. . ." ثمَّ ذكر حديث حذيفة، ثمَّ قال: "وقد صرح في الحديث الصحيح أنَّه أطال الركوع والسجود بقدر البقرة والنساء وآل عمران، فإنَّه قام بهذه السور كلها، وذكر أنَّه كان يقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي

<<  <  ج: ص:  >  >>