للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منافق، فبلغ ذلك الرجلَ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إنا قوم نعمل بأيدينا، ونسقي بنواضحنا، وإن معاذًا صلى بنا البارحة فقرأ البقرة، فتجوَّزتُ، فزعم أني منافق، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا معاذ أفتَّان أنت؟ " ثلاثًا، "اقرأ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، ونحوها" [أخرجه البخاري (٦١٠٦)، وتقدم تحت الحديث رقم (٦٠٠)].

ومن طريق أخرى: عن جابر أنَّه قال: صلى معاذ بن جبل الأنصاري لأصحابه العشاء، فطوَّل عليهم، فانصرف رجل منا، فصلى، فأُخبِر معاذٌ عنه، فقال: إنه منافق، فلما بلغ ذلك الرجلَ، دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره ما قال معاذ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتريد أن تكون فتَّانًا يا معاذ؟ إذا أمَمْتَ الناس فاقرأ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} " [أخرجه مسلم (٤٦٥/ ١٧٩)، وتقدم تحت الحديث رقم (٦٠٠)، وراجع هناك طرقه وشواهده].

٩ - عن عثمان بن أبي العاص، قال: يا رسول الله! اجعلني إمامَ قومي، قال: "أنت إمامُهم، واقْتَدِ بأضعفهم، واتخذْ مؤذنًا لا يأخذُ على أذانه أجرًا".

وهو حديث صحيح، وتقدم برقم (٥٣١).

هذا بعض ما صح مما ورد في باب التخفيف، وفيه دلالة ظاهرة على عدم مساواة الأركان الأربعة بالقيام، وإلا لترتب على ذلك إطالة الصلاة بما يشُقُّ على الناس، والله أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

السابع: أن تسوية كل ركن من الأركان الأربعة بمقدار القيام وما يقرأ فيه من الفاتحة والسورة، يترتب عليه إطالة زمن الصلاة إطالة تخرجها عن وقتها في بعض الأحيان، وتدخلها في وقت الصلاة الأخرى، ومثل ذلك لم يقع في العهد النبوي، ولو وقع لنقل إلينا، إذ هو مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله، فإن قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في المغرب بالأعراف، أو بالطور، أو بالمرسلات، ثمَّ يركع مثل ذلك، ثمَّ يرفع رأسه فيمكث مثل ذلك، ثمَّ يسجد مثل ذلك، ثمَّ يرفع رأسه فيمكث مثل ذلك، ويقال مثل ذلك أيضًا في صلاة الفجر، فإنَّه حينئذ لا تنقضي الصلاة حتى يخرج وقتها، أو يكاد.

الثامن: ما جاء من الأحاديث الدالة على سرعة انصراف النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاة الفجر، وصلاة العصر، وصلاة المغرب:

فقد روت عائشة - رضي الله عنها -، قالت: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي الصبح؛ فينصرف النساء متلفعات بمروطهن، ما يُعرفن من الغلس [متفق عليه، وتقدم برقم (٤٢٣)]، فلو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الفجر بسورة ق، أو الواقعة، أو الصافات، أو المؤمنون، مما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ثمَّ سوى الأركان الأربعة بقيامه لما انصرف من الصلاة إلا وقد طلعت الشمس.

وكذلك يقال مثل هذا في حديث أبي برزة، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر إذا زالت الشمس، ويصلي العصر وإن أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشمس

<<  <  ج: ص:  >  >>