وكان يأمر الرجال أن يفرشوا اليسرى وينصبوا اليمنى في التشهد، ويأمر النساء أن يتربعن.
وهذا حديث باطل منكر؛ عطاء بن عجلان الحنفي، أبو محمد البصري العطار: متروك، منكر الحديث جدًّا؛ كذبه ابن معين وعمرو بن علي الفلاس والجوزجاني، وكان يتلقن كلما لقِّن. [التهذيب (٣/ ١٠٦)] [وتقدم ذكره والكلام عليه تحت الحديث رقم (٦٣٠ و ٦٧٨)].
• والثاني: يرويه أبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي، عن عمر بن ذر، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جلست المرأة في الصلاة وضعت فخذها على فخذها الأخرى، وإذا سجدت ألصقت بطنها في فخذيها، كأستر ما يكون لها، وإن الله تعالى ينظر إليها، ويقول: يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لها".
أخرجه ابن عدي في الكامل (٢/ ٢١٤)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (١/ ٢٠٠)، والبيهقي (٢/ ٢٢٣).
قلت: هو حديث باطل موضوع؛ تفرد به أبو مطيع الخراساني البلخي، الحكم بن عبد الله بن مسلمة: فقيه بصير بالرأي، من أصحاب أبي حنيفة، لكنه: متروك الحديث، كذبه أبو حاتم، واتهم بالوضع، جهمي خبيث. [المجروحين (٢/ ١٠٣)، الكامل (٢/ ٢١٤)، تاريخ بغداد (٨/ ٢٢٣)، تاريخ الإسلام (١٣/ ١٥٨)، اللسان (٣/ ٢٤٦)، وغيرها]، والراوي عنه: محمد بن القاسم البلخي، وهو الطايكاني: كذاب، يضع الحديث على مذهب المرجئة [اللسان (٧/ ٤٤٤)].
• والحاصل: أنه لا يصح حديث في التفريق بين المرأة والرجل في صفة الصلاة، وأنها داخلة في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، طالما كانت متسترةً، لا ينكشف منها شيء، فإن احتاجت لترك التجافي حتى لا ينكشف منها شيء، وكذلك في هيئة الجلوس، فعلت ما كان أستر لها، وهو الواجب عليها، والله أعلم.
قال ابن قدامة في المغني (١/ ٣٢٩): "الأصل أن يثبت في حق المرأة من أحكام الصلاة ما ثبت للرجال؛ لأن الخطاب يشملها، غير أنها خالفته في ترك التجافي؛ لأنها عورة، فاستحب لها جمع نفسها ليكون أستر لها؛ فإنه لا يؤمن أن يبدو منها شيء حال التجافي، وكذلك في الافتراش".
قلت: هذا إذا خافت أن ينكشف منها شيء، فإذا أمنت الانكشاف فهي ذلك كالرجل، والله أعلم. [وانظر: الأم (١/ ١١٥)، مختصر اختلاف العلماء (١/ ٢١٢)، المجموع (٣/ ٣٦٧ و ٤٧٦)، الفتح لابن رجب (٥/ ١٥٢)، الموسوعة الفقهية (١٥/ ٢٦٨)].