للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تاريخ بغداد (٥/ ٥٦)، السير (١٤/ ١٤٨)]: ثنا عبيد الله بن عمر القواريري [ثقة ثبت]: ثنا حرمي بن عمارة به.

قلت: وهذا إسناد صحيح، لكنه غريب جدًّا من حديث شعبة؛ وأبو بكر محمَّد بن علي بن الحسن بن سليمان الشرابي البغدادي، المعروف بابن الرماني، قال الخطيب بأنه روى أحاديث مستقيمة، ونقل عن أبي الفتح ابن مسرور البلخي قوله: "كان فيه بعض اللين"، لكن قال الذهبي: "بل ليس بثقة"، ثم ذكر أن تمامًا روى عنه حديث: "أكذب الناس الصوَّاغون والصبَّاغون"، ثم قال: "وهذا موضوع، والحمل فيه على الشرابي، وللمتن إسناد آخر ضعيف" [تاريخ بغداد (٣/ ٨٤)، تاريخ دمشق (٥٤/ ٢٦٣)، الميزان (٣/ ٦٥٣)، اللسان (٧/ ٣٦٦)].

فإن كان قد تفرد به؛ فهو حديث باطل من حديث شعبة، والله أعلم.

• قال أبو عبيد في الغريب (١/ ٢٧٧): "الأزيز: يعني: غليان جوفه بالبكاء، وأصل الأزيز: الالتهاب والحركة، وكأن قوله عز وجل: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: ٨٣] من هذا؛ أي: تدفعهم وتسوقهم، وهو من التحريك".

وقال شمر: "يعني: أن جوفه يجيش، ويغلي بالبكاء". [تهذيب اللغة (١٣/ ١٩٢)، النهاية (١/ ٤٥)].

وقال ابن الأعرابي: "الأزيز: خنين في الجوف، إذا سمعته كأنه يبكي" [تهذيب اللغة (١٣/ ١٩٢)، النهاية (١/ ٤٥)].

والمرجل، بكسر الميم، وفتح الجيم: الإناء الذي يغلى فيه الماء [النهاية (٤/ ٣١٥)].

• وقال ابن حبان: "في هذا الخبر بيان واضح أن التحزن الذي أذن الله جل وعلا فيه بالقرآن واستمع إليه، هو التحزن بالصوت مع بدايته ونهايته؛ لأن بداءته هو العزم الصحيح على الانقلاع عن المزجورات، ونهايته وفور التشمير في أنواع العبادات، فإذا اشتمل التحزن على البداية التي وصفتها، والنهاية التي ذكرتها، صار المتحزن بالقرآن كأنه قذف بنفسه في مقلاع القربة إلى مولاه، ولم يتعلق بشيء دونه".

وكان قال قبل ذلك (٣/ ٢٩) عن حديث: "ما أذِن الله لشيء ما أذِن لنبيٍّ يتغنى بالقرآن": "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يتغنى بالقرآن يريد: يتحزن به، وليس هذا من الغنية، ولو كان ذلك من الغنية، لقال: يتغانى به، ولم يقل: يتغنى به، وليس التحزُّن بالقرآن نقاءَ الجِرم، وطيب الصوت، وطاعة اللهوات بأنواع النغم بوفاق الوقاع، ولكن التحزن بالقرآن هو أن يقارنه شيئان: الأسف والتلهف؛ الأسف على ما وقع من التقصير، والتلهف على ما يؤمل من التوقير، فإذا تألم القلب وتوجَّع، وتحزَّن الصوت ورجَّع، بدر الجفن بالدموع، والقلب باللموع، فحينئذ يستلذ المتهجد بالمناجاة، ويفر من الخلق إلى وكر الخلوات، رجاء غفران السالف من الذنوب، والتجاوز عن الجنايات والعيوب، فنسأل الله التوفيق له".

وقال ابن رجب في الفتح (٤/ ٢٤٥): "وقد دلَّ القرآن على مدح الباكين من خشية الله

<<  <  ج: ص:  >  >>