قال ابن القيم في الزاد (١/ ٢٤٩): "فهذا حديث لا يثبت؛ قال الترمذي فيه: حديث غريب، ولم يزد.
وقال الخلال: أخبرني الميموني؛ أن أبا عبد الله قيل له: إن بعض الناس أسند أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلاحظ في الصلاة؛ فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا، حتى تغير وجهه، وتغير لونه، وتحرك بدنه، ورأيته في حال ما رأيته في حال قط أسوأ منها، وقال: النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلاحظ في الصلاة!!! يعني: أنه أنكر ذلك، وأحسبه قال: ليس له إسناد، وقال: من روى هذا؟ إنما هذا من سعيد بن المسيب، ثم قال لي بعض أصحابنا: إن أبا عبد الله وهَّن حديث سعيد هذا، وضعَّف إسناده، وقال: إنما هو عن رجل عن سعيد" [انظر فيمن رواه عن ابن المسيب مرسلًا: مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٣٩٦ / ٤٥٥٠)].
وقول الإِمام أحمد:"ليس له إسناد"؛ يعني: ليس له إسناد ثابت يحتج به، وإلا فالإسناد في نفسه صحيح، لكنه معلول.
وقد روي عن الإِمام أحمد خلاف ذلك، فقد ذكر الحاكم في المعرفة عن إسحاق بن راهويه، قال:"سألني أحمد بن حنبل عن حديث الفضل بن موسى، من حديث ابن عباس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلحظ في صلاته ولا يلوي عنقه خلف ظهره، قال: فحدثته، فقال له رجل: يا أبا يعقوب! رواه وكيع خلاف هذا؟ فقال له أحمد بن حنبل: اسكت، إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتمسك به"؛ يعني: إسحاق بن راهويه [معرفة علوم الحديث (٧٣)، تاريخ بغداد (٦/ ٣٥١)، تاريخ دمشق (٨/ ١٢٩)، بغية الطلب (٣/ ١٣٩٢)، طبقات الحنابلة (٢/ ٢٣٠)].
وذكرها الذهبي في السير (١١/ ٣٦٦) عن الحاكم من نفس الوجه، لكن جعل يحيى بن معين مكان أحمد بن حنبل، وذكرها في موضع آخر (١١/ ٣٨٢) كالجماعة [وراويها عن ابن راهويه: أبو عمرو نصر بن زكريا بن نصر بن داود بن سليمان بن عبد الله بن حطان بن المورق العجلي من أهل مرو، رحل إلى العراق والحجاز والشام وديار مصر، وروى عن جماعة من المحدثين، وروى عنه جماعة كثيرة، وتوفي في حدود سنة ثلاثمائة، لكن اتهمه الذهبي بخبر باطل كذب، وقال:"هو آفته". الأنساب (٤/ ١٦١)، تاريخ دمشق (٦٢/ ٣٤)، المغني (٢/ ٦٩٥)، اللسان (٨/ ٢٦٠)].
• وهذه الرواية الأخيرة عن الإِمام أحمد لا تثبت عندي، والمحفوظ عنه إنكار هذا الحديث؛ كما نقله ابن القيم في الزاد عن الخلال، ويؤكد ذلك أن الإِمام أحمد لما أخرج في مسنده حديث الفضل الموصول أتبعه برواية الطالقاني المرسلة، ثم برواية وكيع المرسلة، وفي ذلك إعلال لحديث الفضل، وإشارة إلى أن المرسل هو المحفوظ، كما أن أبا داود وهو تلميذ أحمد قد ذهب إلى إعلال الموصول بالمرسل، مثل شيخه، والله أعلم.
كما أن راوي الإنكار عن أحمد هو الميموني، وهو من أصحابه المكثرين عنه في السؤالات، بخلاف الرواية الأخرى فإنه لم يروها عن ابن راهويه إلا رجل متكلم فيه، وليس بالمشهور في أصحاب ابن راهويه وأحمد.