وكذلك في حديث نافع عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى بصاقًا في جدار القبلة، فحكَّه، ثم أقبل على الناس، فقال: "إذا كان أحدكم يصلي، فلا يبصق قِبَل وجهه؛ فإن الله تبارك وتعالى قِبَل وجهه إذا صلَّى".
أخرجه البخاري (٤٠٦ و ٧٥٣ و ٦١١١)، ومسلم (٥٤٧/ ٠ ٥ و ٥١)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (٤٧٩).
ومن لازم ذلك مواجهة الرحمة للعبد، والله أعلم.
• وأما قوله: "فلا يمسحِ الحصى" أو: "فلا تحرِّكوا الحصى"، فإن أصل المنع منه ثابت من حديث معيقيب الآتي بعد هذا [برقم (٩٤٦)]، وهو حديث متفق عليه، لكن يُشكل على حديث أبي ذر أمران:
الأول: أن حديث معيقيب فيه استثناء المرة الواحدة حيث قال: "إن كنتَ لابدَّ فاعلًا فواحدةً"، بينما حديث أبي الأحوص عن أبي ذر المنع فيه مطلق ولم يستثن.
الثاني: أن استثناء المرة الواحدة قد جاء من طرق أخرى عن أبي ذر بما يوافق حديث معيقيب، ولكن فيها ضعف يسير، فمن ذلك ما رواه:
أ- سفيان الثوري [ثقة حجة، إمام فقيه]، وعبد الله بن نمير [ثقة]، ويزيد بن عطاء [اليشكري: لين الحديث]، وغيرهم:
عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [ليس بالقوي، كان سيئ الحفظ جدًّا، كثير الوهم، غلب عليه الاشتغال بالفقه والقضاء؛ فلم يكن يحفظ الأسانيد والمتون. انظر: التهذيب (٣/ ٦٢٧)، الميزان (٣/ ٦١٣)]، عن [أخيه] عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [ثقة]، عن [أبيه] عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر، قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كل شيء، حتى سألته عن مسح الحصى؟ قال: "واحدةً أو دَعْ".
أخرجه ابن خزيمة (٢/ ٦٠/ ٩١٦)، وأحمد (٥/ ١٦٣)، وعبد الرزاق (٢/ ٣٩/ ٢٤٠٣)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٧٦/ ٧٨٢٤)، والبزار (٩/ ٤١٦/ ٤٥٢١)، والطحاوي في المشكل (٤/ ١٤٢٩/٦٢)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ١٦٩)، وفي تاريخ أصبهان (٢/ ١٥٦)، وذكره أبن أبي حاتم في العلل (١/ ٩٨/ ٢٦٣).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي ذر إلا من حديث ابن أبي ليلى عنه".
تنبيه: هكذا رواه عن الثوري: عبد الرزاق بن همام، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، والنعمان بن عبد السلام الأصبهاني [وهم ثقات، من أصحاب الثوري،، فقالوا: "عن أخيه عيسى بن عبد الرحمن" [وكذلك وقع في رواية ابن نمير ويزيد بن عطاء]، ووقع في رواية الفريابي عن الثوري [عند: ابن خزيمة والطحاوي]: "عن عبد الله بن عيسى"، وهو وهم.
فقد رواه عن الفريابي به هكذا: سعيد بن عبدوس بن أبي زيدون، الرملي نزيل