للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موقوفات، فهو مبتدعٍ داعية إلى بدعته، قال فيه الذهبي: "هذا مُعَثَّر مخذول، كان علمه وبالًا، وسعيه ضلالًا، نعوذ بالله من الشقاء"، وقال أيضًا: "كان حافظ زمانه، وله الرحلة الواسعة، والاطلاع الكثير والإحاطة، وبعد هذا فما انتفع بعلمه، فلا عتب على حمير الرافضة، ... " [انظر: تاريخ بغداد (١١/ ٥٧١ - ط. الغرب)، تاريخ دمشق (٣٦/ ١٠٧)، السير (١٣/ ٥٠٨)، الميزان (٢/ ٦٠٠)، اللسان (٥/ ١٤٩)].

• هذا ما ظهر لي من علل في هذين الطريقين، فهل يقوي أحدهما الآخر حتى يعل بهما حديث أبي الأحوص عن أبي ذر؟

الجواب: لا؛ فإن جهالة أبي الأحوص، والتي يخاف منها ألا يكون ضبط هذا الحديث وحفظه، هذه الجهالة المخوفة من جهة الضبط قد جبرها أمور:

منها: استماع ابن المسيب لحديثه، مع عدم إنكاره عليه.

ومنها: رواية الزهري عنه، ورضاه به وثناؤه عليه.

ومنها: تصحيح جماعة من الأئمة لحديثه هذا، واحتجاجهم به.

ومنها: أن إسناده مدني، بخلاف الإسنادين الآخرين فإنهما كوفيان في الأغلب، والحديث الذي عُرف في بلده أولى من الحديث الذي لم يُعرف إلا خارجها.

ومنها: أن أبا الأحوص من موالي بني كفار، فهو أقرب إلى أبي ذر من جهة القبيلة، فأبو ذر غفاري بالنسب، وذاك غفاري بالولاء، فهو أقرب لحفظ حديثه من الغرباء.

• وبناء على ما تقدم؛ فإن حديث أبي الأحوص عن أبي ذر قد صح فيه مطلق النهي عن مسح الحصى في الصلاة والمنع من ذلك، لا سيما وفيه معنى زائد وهو النهي عن تحريك الحصى المشعر بنوع من العبث، المنافي للخشوع، ثم جاء حديث معيقيب بالرخصة مرةً واحدةً للحاجة.

قال أبو بكر الأثرم في الناسخ (١٣٠): "وأثبت ما في ذلك حديثان: حديث أبي ذر في الكراهة، وحديث معيقيب في الرخصة، ونرى أن الرخصة بعد الكراهية".

وذهب ابن خزيمة إلى أن حديث أبي الأحوص عن أبي ذر مجمل، وحديث معيقيب وحديث ابن أبي ليلى عن أبي ذر مفسران لما أجمل في حديث أبي الأحوص، فترجم لهما ابن خزيمة بقوله: "باب ذكر الخبر المفسر للفظة المجملة التي ذكرتها؛ [يعني: من حديث أبي الأحوص]، والدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أباح مسح الحصى في الصلاة مرةً".

• وقد روي ذلك عن أبي ذر من طرق أخرى موقوفًا، وفي أسانيدها مقال:

أخرجها الطيالسي (٤٧١)، وعبد الرزاق (٢/ ٣٨ - ٤٠/ ٢٤٠٠ - ٢٤٠٢ و ٢٤٥٠)، وابن أبي شيبة (٢/ ٧٨٢٨/١٧٦)، وابن المنذر (٣/ ٢٥٩/ ١٦١٣)، والبيهقي (٢/ ٢٨٥).

***

<<  <  ج: ص:  >  >>