على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، يكلِّم أحدُنا صاحبه بحاجته، حتى نزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)} [البقرة: ٢٣٨]، فأُمِرنا بالسكوت.
ولفظ مسلم من طريق هشيم: كنا نتكلَّم في الصلاة، يكلِّم الرجلُ صاحبَه وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فأُمِرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام.
ولفظ هشيم عند الترمذي وأبي عبيد: كنا نتكلَّم خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، يكلِّم الرجلُ منا صاحبَه إلى جنبه، حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فأُمِرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام.
ولفظ ابن المبارك عند النسائي (٥٦٢ و ١٠٩٨١)، وابن حبان (٢٢٤٥): كنا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلِّم أحدُنا صاحبه في الصلاة في حاجته، حتى نزلت هذه الآية: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)} [البقرة: ٢٣٨]، فأُمِرنا حينئذ بالسكوت.
• هكذا انفرد هشيم بن بشير بهذه الزيادة في آخره: ونهينا عن الكلام، ورواه عشرة من الثقات بدونها، ومع ذلك فإني أراها محفوظة؛ لأمور منها: احتجاج مسلم بها مع علمه بتفرد هشيم بها، ومنها: أن هشيم بن بشير: ثقة ثبت حافظ، وقد كان من أحفظ الخلق؛ حتى قدمه بعضهم على بعض كبار الحفاظ في زمانه، ومنها: أن هذه الزيادة هي في معنى الجملة التي قبلها: فأُمرنا بالسكوت، ففيها ذكر الضد المسكوت عنه، فلم تُضِف جديدًا سوى التأكيد، والله أعلم.
• وفي الباب مما جاء في نسخ الكلام في الصلاة:
١ - حديث ابن مسعود، وله طرق، منها:
أ- الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنا نُسلِّم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة، فيردُّ علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي، سلَّمنا عليه، فلم يردَّ علينا، وقال: "إن في الصلاة لشُغُلًا".
تقدم برقم (٩٢٣)، وهو حديث متفق على صحته.
ب- عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، قال: كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيردُّ علينا [إذا كنا بمكة] قبل أن نأتي أرض الحبشة، فلما رجعنا من عند النجاشي، أتيته وهو يصلي فسلمتُ عليه، فلم يردَّ عليَّ السلام، فأخذني ما قرُب وما بعُد، فجلست أنتظره، فلما قضى الصلاة، قلت: يا رسول الله! سلمتُ عليك وأنت تصلي فلم تردَّ عليَّ السلام، فقال: "إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وقد أحدث [من أمره] أن لا نتكلم في الصلاة".
تقدم برقم (٩٢٤)، وهو حديث صحيح.
ج- إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: خرجت في حاجةٍ، ونحن يسلِّم بعضنا على بعض في الصلاة، ثم رجعت فسلمت. فلم يرد علي وقال: "إن في الصلاة شغلًا".