للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: هما عندي واحد فيما يظهر، فقد اتفقا في الكنية والحرفة والرواية عن عبد الله بن عمرو وقلة الرواية، ولا يظهر لي وجه التفريق بينهما، ولذا قال المزي في التهذيب (٣٤/ ٣٣٣) في ترجمة صهيب: "يحتمل أن يكون هو والذي قبله واحدًا"؛ يعني: أبا موسى الحذاء.

قلت: والحديثان اللذان رواهما لا نكارة فيهما، لذا فقد ذكره ابن حبان في ثقاته في الموضعين المشار إليهما، ولم يستنكر أحد مروياته، بل احتج بها النسائي في صحاحه.

وحديثه هذا حديث صحيح، قد توبع عليه، وإسناده متصل، سمع رجاله بعضهم من بعض، كما في رواية علي بن الجعد عن شعبة، والاختلاف في رفعه ووقفه لا يضر، لكونه قد صح مرفوعًا، ومثله لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، إذا علمت ذلك، ظهر لك ضعف ما ذهب إليه ابن القطان الفاسي في انتقاده على عبد الحق الإشبيلي في سكوته على صهيب أبي موسى الحذاء، حيث قال: "لا تُعرف له حال" [بيان الوهم (٤/ ٥٩٠/ ٢١٣٢)]، فقد روى عنه اثنان من علماء التابعين، ولم يرو منكرًا، وذكره ابن حبان في الثقات، واحتج به النسائي، وصحح له الحاكم، فهو كما قال الذهبي: "صدوق"، والله أعلم.

• وللأعمش فيه إسناد آخر:

رواه سعيد بن سليمان [ثقة حافظ]: ثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: مرَّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أصلي قاعدًا، فقال: "اعلم أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".

أخرجه الطبراني في الكبير (١٣/ ٤٣٨/ ١٤٢٨٧)، وفي الأوسط (١/ ٢٦٨/ ٨٧٠).

ومنصور بن أبي الأسود: كوفي، لا بأس به، ولم يتابع عليه عن الأعمش، والمحفوظ عندي: ما رواه قطبة وعيسى بن يونس، عن الأعمش، عن حبيب، عبد الله بن باباه، عن ابن عمرو به، كما تقدم ذكره.

ولو فرضنا ثبوته عن الأعمش، لما ذكره الترمذي في العلل (١٢٤) من متابعة قيس بن الربيع له عن الأعمش به موقوفًا؛ فهل سمعه الأعمش من مجاهد؟ الجواب: الأعمش لم يصرح هنا بسماعه من مجاهد، وقد تقدم الكلام في سماع الأعمش من مجاهد عند الحديث رقم (٤٨٩).

والضابط فيه: أن نقبل ما صرح فيه الأعمش بالسماع من مجاهد -من طريق صحيح ثابت عنه-، وطرح ما سوى ذلك؛ فإنه مما دلسه ولم يسمعه من مجاهد؛ فإنه لا يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، لا يثبت منها إلا ما قال فيها: سمعت، فهو قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يرويه عن مجاهد: مدلَّس عن الضعفاء والمتروكين.

وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (١/ ٦١٨/ ٣٦٢١).

٣ - وروى سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم".

<<  <  ج: ص:  >  >>