للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقيل له: فإن أبا أسامة قد روى عن الثوري هذا الحديث مرفوعًا؟! فقال: ليس بشيء، هو موقوف".

قلت: لم أقف على رواية أبي أسامة حماد بن أسامة [وهو: ثقة ثبت] بعد بحث، ولا أراها تثبت عنه؛ لقول أبي حاتم: "ليس بشيء يعني: أنَّه لا يثبت عنه، كما يدل كلام أبي حاتم على تفرد أبي بكر الحنفي به عن الثوري، وأنه لا يعرف من حديث عبد الوهاب الخفاف عن الثوري، وإنما يُعرف هذا من قول جابر، غير مرفوع، والله أعلم.

وعادة الأئمة النقاد في كثير من الأحيان أنهم لا يسوقون أدلتهم على صحة أقوالهم، مع ما لهم من سعة الحفظ والاطلاع، وصحة الفهم، ونفاذ البصيرة، مما لم يؤته من جاء بعدهم، وهذا مما يوجب المصير إلى أقوالهم، والتسليم لأحكامهم، وعدم معارضتهم بطرق لا تثبت عن أصحابها، لا سيما وقد اتفقت أقوالهم على الجزم بالتفرد، كما في حالتنا هذه.

فإن قيل: أبو بكر الحنفي: ثقة، يروي عن الثوري، فما يمنعنا من قبول تفرده عن الثوري؟ فيقال: أبو بكر الحنفي ليس من أصحاب الثوري المقدَّمين فيه، أو المكثرين عنه، وكلام أبي حاتم يدل على أن أصحاب الثوري الثقات قد رووه عنه موقوفًا، ولذا جزم بوقفه بلا تردد، ولا نملك إلا التسليم له، والله أعلم.

• وهذا الحديث قد رواه أبو الربيع [هو: الزهراني، سليمان بن داود العتكي: ثقة]: حدثنا حفص بن أبي داود، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مريضًا وأنا معه، فرآه يصلي، ويسجد على وسادة، فنهاه، وقال: "إن استطعت أن تسجد على الأرض فاسجد؛ وإلا فأومئ إماءً، واجعل السجود أخفض من الركوع".

أخرجه أبو يعلى (٣/ ٣٤٥/ ١٨١١).

قلت: وهذا إسناد واٍه؛ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ليس بالقوي، كان سيئ الحفظ جدًّا، كثير الوهم، غلب عليه الاشتغال بالفقه والقضاء؛ فلم يكن يحفظ الأسانيد والمتون [انظر: التهذيب (٣/ ٦٢٧)، الميزان (٣/ ٦١٣)]؛ فلا يحتج بحديثه، وحفص بن أبي داود، هو: حفص بن سليمان القارئ، وهو: متروك الحديث.

٦ - حديث ابن عمر:

رواه حفص بن سليمان [متروك الحديث]، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن ابن عمر، قال: عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أصحابه مريضًا، وأنا معه فدخل عليه، وهو يصلي على عود، فوضع جبهته على العود، فأومأ إليه، فطرح العود، وأخذ وسادةً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعها عنك؛ إن استطعت أن تسجد على الأرض؛ وإلا فأومئ إيماءً، واجعل سجودك أخفض من ركوعك].

أخرجه الطبراني في الكبير (١٢/ ٢٦٩/ ١٣٠٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>