قال البزار: "ولا نعلم روى هذا الحديث عن عثمان بن حكيم إلا عبد الواحد بن زياد".
قلت: ولا يضره تفرده، كما تقدم بيانه.
وهذا الحديث ترجم له أبو عوانة بقوله: "ويجعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه، يفرش قدمه اليمنى".
وترجم له ابن خزيمة بقوله: "باب إدخال القدم اليسرى بين الفخذ اليمنى والساق في الجلوس في التشهد"، وكلاهما أخرجه من طريق العلاء بن عبد الجبار، وبذا يتبين التحريف الواقع في مطبوعة أبي عوانة.
• والراجح من هذا الاختلاف: أن رواية الجماعة: جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه، هي المحفوظة، وهي التي أخرجها مسلم في صحيحه، ومن قال: تحت فخذه اليمنى وساقه، فقد وهم، والله أعلم.
انظر: لا جديد في أحكام الصلاة (المسألة رقم ٦).
قال البيهقي في السنن (٢/ ٣٠٥): "ولعل ذلك كان من شكوى".
وقد ذهب أبو العباس القرطبي في المفهم (٢/ ٢٠٠) إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إما أن يكون فعل ذلك لعذر، وإما لبيان جواز فرش القدم اليمنى وعدم وجوب نصبها. [وانظر: إكمال المعلم (٢/ ٥٢٩)].
قلت: لم يأت في الروايات ما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك لعذر، وإنما هو تأويل لأجل الجمع بين النصوص، لكن الأولى أن يقال:
إن السُّنَّة في الجلوس في الصلاة أن يثني رجله اليسرى فيقعد عليها، وينصب اليمنى مستقبلًا بأصابعها القبلة، فإذا كان في الركعة الثالثة أو الرابعة التي فيها التسليم أخَّر رجله اليسرى وقعد مُتورِّكًا على شقِّه الأيسر على مقعدته، ونصب اليمنى، أكثر الأحاديث على ذلك، وهو غالب فعله - صلى الله عليه وسلم -.
فإن جلس بين السجدتين جاعلًا أليتيه على عقبيه، فلا بأس بذلك، لثبوته من حديث ابن عباس، أنه من سُنَّة نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
فإن كان في الركعة الأخيرة من الثلاثية أو الرباعية فجلس متوركًا، جاعلًا قدمه اليسرى بين فخذه وساقه، وفرش قدمه اليمنى؛ فلا حرج في ذلك؛ لوروده في حديث عبد الله بن الزبير هذا، والله أعلم.
وقد سبق الكلام على أدلة المسألة وفقهها تحت الحديث رقم (٨٤٥)، فليراجع.
• فإن قيل: قوله في هذا الحديث: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد في الصلاة، يدل على جواز جلسة التورك في كل قعود في الصلاة، وهو قول مالك، فيقال: قال الشافعي رحمه الله تعالى: "والأحاديث الواردة بتوركٍ أو افتراشٍ مطلقةً؛ لم يبين فيها أنه في التشهدين أو أحدهما، وقد بينه أبو حميد ورفقته، ووصفوا الافتراش في الأول، والتورك