للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولفظه [عند النسائي]: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قعد في التشهد: وضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة، لا يجاوز بصرُه إشارتَه.

وفي روايةٍ [عند ابن حبان]: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تشهد وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بإصبعه السبابة، لا يجاوز بصره إشارته، وبنحوه رواه أحمد عن يحيى، مع تقديم وتأخير.

وفي روايةٍ [عند البزار]: كان إذا جلس للتشهد ثنى رجله اليسرى، ونصب اليمنى، وأشار بالسبابة، وحلَّق حلقة [وأظنها وهمًا من البزار نفسه؛ فإنه قد رواه بنفس هذا المتن من حديث حجاج عن ابن جريج، ولا يصح هذا المتن لأحد الإسنادين من حديث ابن الزبير، وسبق التنبيه عليه].

• هكذا روى هذا الحديث عن ابن عجلان: الليث بن سعد، وأبو خالد الأحمر، وسليمان بن بلال، وروح بن القاسم، وسفيان بن عيينة، ووهيب بن خالد [وهم ثقات]، وزيد بن حبان الرقي [متكلم فيه]، فلم يأتوا بهذه الزيادة: لا يجاوز بصره إشارته، والتي تفرد بها: يحيى بن سعيد القطان، وهو: ثقة ثبت، إمام حافظ حجة، من أعلم الناس بحديث ابن عجلان، فلا يستغرب منه التفرد عن شيخه، لما له من الاختصاص به، والله أعلم.

وقد سبق بيان أن هذه اللفظة محفوظة أيضًا من حديث ابن عمر، فيما رواه إسماعيل بن جعفر، عن مسلم بن أبي مريم، عن علي بن عبد الرحمن المعاوي، عن عبد الله بن عمر، أنه رأى رجلًا يحرك الحصى ... ، فذكر الحديث إلى أن قال: فوضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام إلى القبلة، ورمى ببصره إليها أو نحوها، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع. وتقدم تحت الحديث رقم (٩٨٧).

• وقد احتج بحديث القطان عن ابن عجلان بهذه الزيادة وترجم لها:

النسائي، فقال: "موضع البصر عند الإشارة، وتحريك السبابة".

قلت: أما الأول فنعم، وأما الثاني: فلم يقم عليه دليل صحيح، فلم يصح حديث صريح في تحريك الإصبع بالإشارة، كما سيأتي بيانه في الشواهد من حديث وائل بن حجر، بل صح ما يدل على خلافه؛ فإن مطلق الإشارة لا يقتضي التحريك، وإنما التحريك معنى زائد على مجرد الإشارة، فإن الإشارة هي الإيماء باليد [انظر: تهذيب اللغة (١١/ ٢٧٧)، لسان العرب (٤/ ٤٣٧)]، كذلك فإن رواية نصب الإصبع تقتضي نفي التحريك، والله أعلم، وهذه الترجمة للنسائي هي في الصغرى، وأما في الكبرى فلم يذكر التحريك.

وقد احتج به أيضًا ابن خزيمة حيث ترجم له بقوله: "باب النظر إلى السبابة عند الإشارة بها في التشهد".

وقال أبو عوانة: "بيان الإشارة بالسبابة إلى القبلة، ورمي البصر إليها، وترك تحريكها بالإشارة"، واحتج في ذلك بثلاثة أحاديث، هذا أحدها، والثاني: حديث ابن عمر من رواية إسماعيل بن جعفر، وهو صحيح، والثالث: حديث حجاج عن ابن جريج الآنف الذكر، وقد تبين شذوذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>