على الأخرى، يُعرف في وجهه الغضبُ، ثم خرج سَرَعانُ الناسِ وهم يقولون: قُصِرَتِ الصلاة! قُصِرَتِ الصلاة! وفي الناس أبو بكر وعمر، فهاباه أن يكلِّماه، فقام رجل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسميه ذا اليدين، فقال: يا رسول الله! أنسيتَ أم قُصِرت الصلاة؟ قال:"لم أنْسَ، ولم تُقصَرِ الصلاةُ"، قال: بل نسيتَ يا رسول الله! فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على القوم، فقال:"أصدق ذو اليدين؟ "، فأومؤوا؛ أي: نعم، فرجع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مقامه، فصلى الركعتين الباقيتين، ثم سلَّم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع وكبر.
قال: فقيل لمحمد: سلَّم في السهو؟ فقال: لم أحفظه عن أبي هريرة، ولكن نُبِّئتُ أنْ عمران بن حصين قال: ثم سلم.
* حديث صحيح
أخرجه مسلم (٥٧٣/ ٩٨)، وأبو عوانة (١/ ٥١٢/ ١٩١٥)، وأبو نعيم في المستخرج (٢/ ١٧٣/ ١٢٦٥)، وابن حبان (٦/ ٤٠٥/ ٢٦٨٨)، والطحاوي (١/ ٤٤٤)، والدارقطني (١/ ٣٦٦)، وابن حزم في المحلى (٤/ ١٦٩)، والبيهقي في السنن (٢/ ٣٥٧)، وفي المعرفة (٢/ ١٨٤/ ١١٥٦)، وابن عبد البر في التمهيد (١/ ٣٥٨)، وفي الاستذكار (١/ ٥٥٠).
رواه عن حماد بن زيد: محمد بن عبيد الطنافسي [وهذا لفظه]، وأبو الربيع سليمان بن داود الزهراني [ومن طريقه أخرجه مسلم، ولم يسق لفظه]، وسليمان بن حرب، وأسد بن موسى، وحجاج بن إبراهيم الأزرق [وهم جميعًا ثقات].
قال أبو الربيع [عند ابن حبان]: إحدى صلاتي العشي - إما قال: الظهر، وإما قال: العصر، قال: وأكبر ظني أنها العصر -، وقال أيضًا: قال [يعني: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]: "أكذلك؟ "، قالوا: نعم، قال: فرجع فصلى بنا ركعتين، هكذا قال، ولم يقل: فأومؤوا.
وقال أسد في روايته [عند الطحاوي]: إحدى صلاتي العشي - الظهر أو العصر، وأكثر ظني أنه ذكر الظهر -، وقال أيضًا: فقال: "أصدق ذو اليدين؟ "، فقالوا: نعم.
وعلى هذا فقد تفرد محمد بن عبيد الطنافسي عن حماد بلفظة: فأومؤوا، دون بقية أصحاب حماد الذين رووا هذا الحديث.
كما اختلفت الرواية عن حماد في تعيين الصلاة فيما يغلب على الظن.
* * *
١٠٠٩ - . . . مالك، عن أيوب، عن محمد، بإسناده، وحديث حماد أتم، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم يقل: بنا، ولم يقل: فأومؤوا، قال: فقال الناس: نعم، قال: ثم رفع، ولم يقل: وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع، وتم حديثه، ولم يذكر ما بعده.