أ- إما لأن الجد هنا هو محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصي وليس بصحابي [قاله ابن عدي وابن حبان].
ب- وإما لأن شعيب لم يسمع من جده عبد الله بن عمرو [قاله ابن حبان وغيره].
ج- وإما لأنها صحيفةٌ وكتابٌ وجده فرواه [قاله ابن معين وغيره، قال ابن معين: "إذا حدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فهو كتاب، ... ، فمن هاهنا جاء ضعفه"، ووثقه في غير أبيه. تاريخ الدوري (٤/ ٤٦٢)].
• أما حجتهم الأولى: فإن وقوع مثله في الإسناد نادر [ومنه ما رواه ابن حبان في صحيحه (٢/ ٢٣٥/ ٤٨٥): عن ابن الهاد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مجلس: "ألا أخبركم بأحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا ... " الحديث] فقد قال فيه ابن حبان نفسه في الثقات (٥/ ٣٥٣): "ولا أعلم بهذا الإسناد إلا حديثًا واحدًا من حديث ابن الهاد عن عمرو بن شعيب"، وقال الذهبي في الميزان (٣/ ٢٦٦): "فما علمتها صحت، فإن محمدًا قديم الوفاة وكأنه مات شابًا". وانظر: سير أعلام النبلاء (٥/ ١٧٤).
• وأما حجتهم الثانية: فغايتها عدم علم الناقل، فإذا كان غيره قد علم وثبت عنده سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، فالمثبت مقدم على النافي، كيف والذي أثبت سماع شعيب من جده عبد الله هم أئمة هذا الشان وعليهم المعول: البخاري، وابن المديني، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن صالح، والدارقطني.
• وأما حجتهم الثالثة: فبيانها من وجهين:
الأول: قال أبو زرعة: "وإنما أنكروا عليه كثيرة روايته عن أبيه عن جده. وقال: إنما سمع أحاديث يسيرة، وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها. وقال: ما أقل ما نصيب عنه مما روي عن غير أبيه عن جده من المنكر، وعامة هذه المناكير التي تروى عن عمرو بن شعيب إنما هي عن المثنى بن الصباح وابن لهيعة والضعفاء" [الجرح والتعديل (٦/ ٢٣٩)].
ونستفيد من كلام أبي زرعة -الإمام الناقد البصير المعتدل في نقده- أمورًا: منها: أن ما يرويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: بعضه سماع، وبعضه وجادة. ومنها: أن غالب المناكير في روايته إنما هي من طريق الضعفاء، أمثال: ابن لهيعة والمثنى بن الصباح وغيرهم.
وقال الذهبي في السير (٥/ ١٦٩) متعقبًا كلام أبي زرعة: "ويأتي الثقات عنه أيضًا بما ينكر"، فيقال حينئذ -كما في حالتنا هذه- إنما أتي من قبل روايته من الصحيفة.
الوجه الثاني: أنه قد ثبت سماع عمرو بن شعيب من أبيه شعيب -فليست كل روايته عنه وجادة- كما قد ثبت سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، وقد أثبت السماعين: البخاري وابن المديني وأحمد بن حنبل وأحمد بن صالح.
وابن معين الذي ضعف هذه السلسلة لأنها كتاب يقول أيضًا: "وجدَ شعيب كُتُب عبد الله بن عمرو فإن يرويها عن جده إرسالًا، وهي صحاح عن عبد الله بن عمرو غير أنه لم يسمعها".