قلت: وهذا حديث منكر؛ يرويه إسماعيل بن مسلم المكي عن الزهري، وإسماعيل: ضعيف، قال أحمد: "منكر الحديث"، وعنده عجائب، يروي عن الثقات المناكير، وقد تركه ابن مهدي والقطان والنسائي وغيرهم؛ وأين إسماعيل هذا من أصحاب الزهري على كثرتهم وجمعهم لحديثه [العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٣٥٢/ ٢٥٥٦)، ضعفاء العقيلي (١/ ٩٢)، الكامل (١/ ٢٨٣)، التهذيب (١/ ١٦٧)].
فإن قيل: ذكر البيهقي أنه لم يتفرد به، بل تابعه: بحر بن كنيز السقاء، وسفيان بن حسين، فيقال: هذه المتابعة لا تغني شيئًا؛ فإن السقاء: متروك، وسفيان بن حسين وإن كان ثقة؛ إلا أنه ضعيف في الزهري خاصة، ثم هو لا يثبت عنه، فقد وهَّم الدارقطني في العلل (٤/ ٢٥٩/ ٥٤٧) من قال في روايته: عن سفيان بن حسين، وإنما هو عن إسماعيل بن مسلم، فرجع الحديث إليه، كما رواه أحمد.
ورواية سفيان بن حسين: أخرجها الدارقطني في السنن (١/ ٣٧٧).
قال ابن رجب في الفتح (٦/ ٥٠٧): وإسماعيل، هو: المكي، ضعيف جدًّا، وقد قيل: إنه توبع عليه، ولا يصح، وإنما مرجعه إلى إسماعيل، ذكره الدارقطني".
والحاصل: فإن حديث عبد الرحمن بن عوف لا يثبت، والله أعلم.
٢ - حديث ابن عمر:
يروبه أيوب بن سليمان بن بلال [ثقة]، وإسماعيل بن أبي أويس [ليس به بأس، له غرائب لا يتابع عليها]:
عن أبي بكر بن أبي أويس [ثقة]، عن سليمان بن بلال، عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم فلا يدري كم صلى، ثلاثًا أم أربعًا، فليركع ركعة يحسن سجودها وركوعها، ثم يسجد سجدتين".
أخرجه ابن خزيمة (٢/ ١١٢/ ١٠٢٦)، والحاكم (١/ ٢٦٠ - ٢٦١ و ٣٢٢)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٢٧ - الجزء المفقود)، والبيهقي في السنن (٢/ ٣٣٣)، وفي المعرفة (٢/ ١٦٧/ ١١٣٤)، وابن عبد البر في التمهيد (٥/ ٣٩).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وخالفه في ذلك فأصاب؛ ابن عبد البر حيث قال في التمهيد (٥/ ٣٩): "لا يصح رفع هذا الحديث، والله أعلم؛ لأن مالكًا رواه عن عمر بن محمد عن سالم عن أبيه، فوقفه على ابن عمر، جعله من قوله، وخالف أيضًا لفظه، والمعنى واحد، ولكنه لم يرفعه إلا من لا يوثق به، وإسماعيل بن أبي أويس، وأخوه، وأبوه: ضعاف، لا يحتج بهم، وإنما ذكرناه ليعرف".
قلت: هذا الإسناد من لدن أيوب بن سليمان فمن فوقه: إسناد مدني صحيح، وقد روى البخاري بهذا الإسناد إلى صالح بن كيسان أربعة أحاديث متابعة (٥٣٣ و ٥٣٤ و ٥٦٩ و ٧٣٢٩) [انظر: ما تقدم تحت الحديث رقم (٣٩٤)]؛ لكن رفع هذا الحديث معلول من جهتين: