وروي أيضًا عن ابن عمر وأنس موقوفًا عليهما من طرق أخرى لا تخلو من مقال، وروي نحو ذلك أيضًا: عن عمر بن الخطاب، وخباب بن الأرت، وسعيد بن العاص [عند: عبد الرزاق (٢/ ١٠٥ - ١٠٧/ ٢٦٧٩ - ٢٦٨٢ و ٢٦٨٧ و ٢٦٨٩)، وابن أبي شيبة (١/ ٣١٣/ ٣٥٧٣ و ٣٥٧٤) و (١/ ٣١٨/ ٣٦٣٩ - ٣٦٤١) و (١/ ٣١٩/ ٣٦٤٤ و ٣٦٤٧)، وابن المنذر في الأوسط (٣/ ٣٠٠ و ٣٠١/ ١٦٨٤ - ١٦٧٨)، والطحاوي (١/ ٢٠٩ و ٢١٠)، والطبراني في الكبير (٩/ ٢٦٣/ ٩٣٠٦)، وابن حزم في المحلى (٤/ ١٠٩)، والبيهقي (٢/ ٣٤٨)].
° وهذه الأدلة وإن كانت في العمد، إلا أن بعضها يحتمل أن يكون وقع سهوًا، فقد دلت على عدم وجوب السجود على من سها في شيء من ذلك.
وقد حكى ابن المنذر في الأوسط (٣/ ٢٩٩) خلاف أهل العلم في ذلك، وممن قال: ليس على من فعل ذلك سجود السهو: الأوزاعي والشافعي، واختلف قول مالك وأحمد في ذلك، وقال أحمد في رواية الكوسج (٢٠٠): "إن سجد لا يضره ذلك، وإن لم يسجد فلا بأس"، يعني: فيما إذا جهر فيما يُخافَت فيه، أو خافت فيما يُجهَر فيه، وقال إسحاق:"بل يسجد في ذلك، وفي كل سهو سجدتان" [وانظر مثلًا: مسائل أبي داود لأحمد (٣٨٢)].
وقال الماوردي في الحاوي (٢/ ١٥٠) محتجًا بفعل عمر الآتي ذكره: "ولأن الجهر والإسرار هيئة، ومخالفة الهيئات لا تبطل الصلاة، ولا توجب السهو قياسًا على هيئات الأفعال".
• قلت: وأما مسألة الإسرار فيما حقه الجهر، فقد روي من فعل عمر:
يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري [وعنه: مالك بن أنس]، وعبيد الله بن عمر العمري: عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف؛ أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صلى بالناس المغرب فلم يقرأ فيها، فلما انصرف قيل له: ما قرأت! قال: فكيف كان الركوع والسجود؟ فقالوا: حسنًا، قال: فلا بأس إذًا. لفظ يحيى بن سعيد، وفي رواية عبيد الله بن عمر: لا بأس، إني حدَّثت نفسي بعِيرٍ جهزتها بأقتابها وحقائبها.
أخرجه مالك في الموطأ (٤٩٠ - رواية أبي مصعب الزهري)(٢٦٨ - رواية القعنبي)، والشافعي في الأم (٧/ ٢٣٧)، وأحمد في مسائل ابنه صالح (٦٠٩ م)[وقع عنده: عبد الله مكبرًا؛ إنما هو أخوه عبيد الله العمري]، ومحمد بن الحسن في الحجة (١/ ٢٣٤)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٤٨/ ٤٠٠٦)، والبيهقي في السنن (٢/ ٣٤٧ و ٣٨١)، وفي المعرفة (٢/ ١٧٧/ ١١٤٣) و (٢/ ٢٠٧/ ١١٨٧).
قال أحمد:"أبو سلمة: لم يدرك عمر، وتلك أثبت، قالوا: صلى بنا عمر"؛ يعني: أنه أعاد الصلاة والقراءة، كما في مسائل صالح (٢٧٩).