للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منزله أعجب إليَّ، قيل له: فإن بعُدَ منزله؟ فقال: لا أدري، قال: ورأيت أبا عبد الله ما لا أحصي إذا صلى المغرب دخل قبل أن يتطوع، قال: وسألت أبا عبد الله عن تفسير قوله: "لا يصلي بعد صلاة مثلها"؟ قال: هو أن يصلي الظهر فيصلي أربعًا بعدها لا يسلم، ثم قال: أليس قد قال سعيد بن جبير: إذا سلم في اثنتين فليس مثلها، ثم قال: أما أنا فأذهب في الأربع قبل الظهر إلى أن أسلم في الاثنتين منها، ثم قال: أما الركعتان قبل الفجر ففي بيته، وبعد المغرب في بيته، ثم قال: ليس ههنا أوكد من الركعتين بعد المغرب في بيته، ثم ذكر حديث ابن إسحاق: "صلوا هاتين الركعتين في بيوتكم"" [التمهيد (١٤/ ١٧٧)، المغني (١/ ٤٣٥)].

ونقل ابن قدامة في المغني (١/ ٤٣٥) عن أبي بكر الأثرم، قال: "سمعت أبا عبد الله، سئل عن الركعتين بعد الظهر، أين يصليان؟ قال: في المسجد، ثم قال: أما الركعتان قبل الفجر ففي بيته، وبعد المغرب في بيته"، ثم ذكر نحو ما تقدم.

هكذا نظر أحمد في استدلاله إلى حديث ابن عمر، وإن كان حديث عائشة عند مسلم [تقدم قريبًا في الشواهد] قد دل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي راتبة الظهر القبلية والبعدية في بيته على الدوام، والله أعلم.

ثم قال ابن عبد البر بعد أن ذكر حديث كعب بن عجرة: "وهذا يحتمل أن يكون على الاختيار في التطوع أكثر من الركعتين، ويحتمل أن يكون في الركعتين".

ثم قال بعد أن ذكر جملة من الآثار عن السلف في صلاة راتبة المغرب في البيت: "فهذه الآثار كلها تبين لك أن صلاة الركعتين بعد المغرب في البيت أفضل، وأنه الأمر القديم، وعمل صدر السلف، وهو الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصليها في بيته من حديث ابن عمر، ومن حديث غيره أنها صلاة البيوت، وأما حديث جعفر بن أبي المغيرة: فليس تقوم به حجة، ولكنه أمر لا حرج على من فعله؛ لأن الأصل فيه أنه فعل بر وخير، فحيث فعل فحسن؛ إلا أن الأفضل من ذلك ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يواظب عليه، ومال أخيار صدر السلف إليه، وبالله التوفيق".

وقال ابن القيم في الزاد (١/ ٣١٥): "وكان هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل السُّنن والتطوع في البيت إلا لعارض، كما أن هديه كان فعل الفرائض في المسجد إلا لعارض من سفر أو مرض أو غيره مما يمنعه من المسجد".

وقال في طرح التثريب (٣/ ٣٢): "ويستثنى من تفضيل النوافل في البيت؛ ما شرعت فيه الجماعة؛ كالعيد والكسوف والاستسقاء، وكذلك التنفل يوم الجمعة قبل الزوال وبعده، ففِعله في المسجد أفضلُ؛ لاستحباب التبكير للجمعة".

وذكر أيضًا النوافل المتعلقة بالمسجد؛ كتحية المسجد، وركعتي الطواف.

° مسألة:

أيما أفضل فعل النافلة في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أم في البيت؟

<<  <  ج: ص:  >  >>