يرويه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وسفيان الثوري، وشعبة [وهو غريب من حديثه]، وأبو الأحوص، وزهير بن معاوية، وزكريا بن أبي زائدة، وعمار بن رزيق، وشريك بن عبد الله النخعي، وحديج بن معاوية [وفيهم أثبت أصحاب أبي إسحاق]، وغيرهم:
عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما -، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا [وفي رواية: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا]، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يوجَّه إلى الكعبة، فأنزل الله:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}[البقرة: ١٤٤]{فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}]، فتوجَّه نحو الكعبة، وقال السفهاء من الناس، وهم اليهود:{مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}[البقرة: ١٤٢][فأنزل الله:] {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)} [البقرة: ١٤٢]، فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ [العصر]، ثم خرج بعد ما صلى، فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس، فقال: هو يشهد أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه توجه نحو الكعبة، فتحرَّف القوم [وفي رواية: فانحرفوا وهم ركوع في صلاة العصر]، حتى توجَّهوا نحو الكعبة. وهذا لفظ إسرائيل [عند البخاري (٣٩٩ و ٧٢٥٢)].
ولفظ زهير [عند البخاري (٤٠ و ٤٤٨٦)]: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده، أو قال: أخواله من الأنصار، وأنه صلى قِبَل بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَل البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قومٌ، فخرج رجل ممن صلى معه، فمرَّ على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قِبَل مكة، فداروا كما هم قِبَل البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قِبَل بيت المقدس، وأهلُ الكتاب، فلما ولَّى وجهه قِبَل البيت، أنكروا ذلك.
قال زهير: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء في حديثه هذا: أنه مات على القبلة قبل أن تحوَّل رجالٌ وقتلوا، فلم ندرِ ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة: ١٤٣].
ولفظ الثوري مختصر [عند البخاري (٤٤٩٢)، ومسلم (٥٢٥/ ١٢)]، قال: حدثني أبو إسحاق، قال: سمعت البراء، يقول: صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، ثم صُرِفنا نحو الكعبة.
وفي رواية لشريك وحديج: عن البراء، قال: مات قوم كانوا يصلون نحو بيت المقدس، فقالوا: كيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يصلون نحو بيت المقدس، فأنزل الله - عز وجل -: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}؛ أي: صلاتكم إلى بيت المقدس.
وقال شعبة وأبو الأحوص وابن أبي زائدة وعمار وشريك وحديج: ستة عشر شهرًا، بغير شك.