وحديث أبان هذا مضطرب الإسناد، فالذين اختلفوا على أبان كلهم ثقات، وهو مرة يذكر الحضرمي ومرة لا يذكره، ومرة يقدمه فيجعله شيخًا لأبي سلام، ومرة يؤخره فيجعله شيخًا ليحيى، ومرة يسقط ذكر الحضرمي وزيد بن سلام معًا، والله أعلم.
وقد أعله أبو حاتم بحديث معاوية بن سلام الذي أخرجه مسلم؛ قال ابن أبي حاتم في العلل (١/ ٢٠٧/ ٥٩٦): "سألت أبي عن حديث رواه أبان العطار، عن يحيى، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحضرمي، عن الحكم بن ميناء؛ أنه سمع ابن عمر وابن عباس، سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، قال: "لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات"، الحديث؟
قال أبي: رواه معاوية بن سلام، عن أخيه زيد، عن أبي سلام - ولم يذكر فيه الحضرمي -، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر وابن عباس.
قال أبي: والحضرمي بن لاحق رجل من أهل المدينة، وليس لرواية أبي سلام عنه معنى، وإنما يشبه أن يكون يحيى لم يسمعه من زيد، فرواه عن الحضرمي عن زيد، فوهم الذي حدث به، والله أعلم".
٤ - ورواه إسماعيل بن علية، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [وهم ثقتان، من أصحاب أيوب، وابن علية من أثبت الناس فيه].
عن أيوب السختياني [ثقة ثبت، إمام حجة]، عن يحيى بن أبي كثير، عن من حدثه، عن ابن عمر وابن عباس؛ أنهما قالا: سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - على أعواد منبره -: ... فذكره مثله.
أخرجه أبو يعلى (١٠/ ١٤٣/ ٥٧٦٥) [وفي سند المطبوعة تحريف]. ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (١٥/ ٦٦) [وهو فيه على الصواب].
ثم رواه ابن عساكر (١٥/ ٦٧) من طريق: علي بن عبد الله [ابن المديني]: نا إسماعيل بن إبراهيم: نا أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن من حدثه، عن ابن عباس وابن عمر؛ أنهما سمعا النبي - صلى الله عليه وسلم - على أعواد منبره، يقول: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو يختم على رقابهم، أو يكتبون من الغافلين".
قال علي: "هكذا رواه أيوب عن يحيى بن أبي كثير عمن حدثه عن ابن عباس وابن عمر، ولم يفسر إسناده، لعله لم يقم إسناده، والله أعلم".
* وقد اختلف فيه على أيوب:
قال الدارقطني في العلل (١٣/ ١٥٢/ ٣٠٣٢): "قال حماد بن زيد: عن أيوب، عن يحيى، عن ابن ميناء، عن ابن عمر، وابن عباس.
وقال الثقفي، وابن علية: عن أيوب، عن يحيى، عمن حدثه، عنهما".
٥ - ورواه معمر بن راشد [ثقة، من أصحاب يحيى، وقد يهِم عليه]، عن يحيى بن أبي كثير، في عبد الله بن ميناء، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على أعواد المنبر: "لينتهِينَّ أقوامٌ عن تخلُّفهم عن الجمعة، أو ليَطبَعنَّ الله على قلوبهم، وليُكتبُنَّ من الغافلين".