قلت: وهو كما قال، هو إسناد مصري صحيح؛ رجاله ثقات مشهورون، ومالك بن الخير الزَّبَادي: روى عنه جماعة من ثقات المصريين وغيرهم، سمع أبا قبيل وغيره من التابعين، وقال أحمد بن صالح:"ثقة"، وقال أحمد بن سعد بن الحكم ابن أبي مريم [ثقة، له سؤالات عن ابن معين]: "شيخ، لا بأس به"، وقال الحاكم:"مالك بن خير الزبادي: مصري ثقة، وأبو قبيل: تابعي كبير"، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له في صحيحه (١٢/ ١٧٨/ ٥٣٥٦)، وأخرج له الضياء في المختارة (٨/ ٣٦١)، وقال الدارقطني:"من تابعي أهل مصر"، وتابعه على ذلك جماعة، وقد ردَّ هذا القول ابنُ ناصر الدين، ولقد قصر ابن القطان في البحث عن ترجمته، فلم يقف على أقوال المعدِّلين له، فقال في بيان الوهم:"وهو ممن لم تثبت عدالته"، والذهبي مع كونه لم يقف على توثيق من وثقه، لكنه لم يجد في حديثه ما يستنكر، فقال:"محله الصدق"، وقد حسن حديثه ابن مفلح في الآداب الشرعية (١/ ٤٣٤)، والله أعلم [التاريخ الكبير (٧/ ٣١٢)، الجرح والتعديل (٨/ ٢٠٨)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (١/ ٤٤٢/ ١٠٩٤)، الثقات (٧/ ٤٦٠)، المؤتلف للدارقطني (١/ ٣٨١) و (٣/ ١١٣٥)، المستدرك (١/ ١٢٢)، شيوخ عبد الله بن وهب (٩٢)، الأنساب (٣/ ١٢٧)، بيان الوهم (٤/ ٣١/ ١٤٥١)، التوضيح (٤/ ٣٢٥)، التعجيل (٩٨٩)، اللسان (٦/ ٤٣٩)].
هكذا رواه عن أبي قبيل موصولًا، عن عقبة بن عامر به مرفوعًا:
الليث بن سعد، ومالك بن خير الزبادي، وابن لهيعة، ودراج أبو السمح.
* وخالفهم فأرسله:
بكر بن مضر [ثقة]، فرواه عن أبي قبيل؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"أتخوَّف على أمتي اللبن والكتاب"، قالوا: يا رسول الله! ما بال الكتاب؟ قال:"يتعلمه المنافقون فيجادلون به الذين آمنوا"، قالوا: فاللبن؟ قال:"يُضاع فيه الصلوات، ويُتَّبع فيه الشهوات".
أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (٢٦٥)، بإسناد صحيح إلى بكر.
قلت: رواية الوصل أولى، فهي زيادة من الثقة الثبت الإمام: الليث بن سعد، وتابعه على ذلك ثلاثة، ورواية الجماعة أبعد عن الوهم من الواحد، هذا من وجه:
* ومن وجه آخر: فقد رواه ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عقبة بن عامر، ثم أعقبه بقوله: وحدثنيه يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره.
وهذا إسناد جيد في المتابعات، وقد اتفق الشيخان على إخراج عدة أحاديث بهذه الترجمة: يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني، عن عقبة بن عامر الجهني، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو إسناد مصري صحيح انفرد به أحد أعلام مصر المكثرين - على ضعفه -: عبد الله بن لهيعة.