للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونقل ابن المنذر عن مالك قوله: "لا يعتد المطر عذرًا، قال: فقلت: أو لم يجئ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نداء الجمعة في يوم مطر: "الصلاة في الرحال قال: تلك جمعة كانت في سفر، وليست جمعة السفر واجبة" [الأوسط (٤/ ٢٥)].

قلت: لعل حديث ابن عباس لم يبلغه، فلم يقل به، وبلغ غيره فقال به، ومن علم حجة على من لم يعلم، ولهذا قال ابن حزم في المحلى (٣/ ١٦٢): "وهذا الحكم واحد في الحضر والسفر".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٣/ ٢٧١) عن حديث ابن عمر: "وفي هذا الحديث من الفقه: الرخصة في التخلف عن الجماعة في ليلة المطر والريح الشديدة، وقيل: إن هذا إنما كان في السفر، ... ، وفي ذكر الرحال دليل على أنه كان في سفر، والله أعلم.

وقيل: إن ذلك جائز في الحضر والسفر، ولا فرق بين الحضر والسفر؛ لأن العلة المطر والأذى، والحضر والسفر في ذلك سواء، فيدخل السفر بالنص والحضر بالمعنى؛ لأن العلة فيه المطر، وقد رخصت جماعة من أهل العلم في وقت المطر الشديد في التخلف عن الجمعة لمن وجبت عليه؛ فكيف بالجماعة في غير الجمعة".

وقال أيضًا (١٣/ ٢٧٤): "فقد بان بهذا الحديث أن ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - إنما كان في السفر مع المطر، وهذه رخصة تخص قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هل تسمع النداء؟ قال: نعم، قال: "فلا رخصة لك"، وفي هذا الحديث دليل على جواز التأخر في حين المطر الدائم عن شهود الجماعة والجمعة؛ لما في ذلك من أذى المطر - والله أعلم - لهذه الحال".

وقال ابن رجب في الفتح (٤/ ٩٣): "وأكثر أهل العلم على أن المطر والطين عذر يباح معه التخلف عن حضور الجمعة والجماعات، ليلًا ونهارًا".

وقال أيضًا (٤/ ٩٦): "ولا ريب أن من كان بصره ضعيفًا، وفي طريقه سيول، فإنه معذور في الخروج إلى المسجد ليلًا؛ فإنه ربما خشي على نفسه التلف، والجماعة يسقط حضورها بدون ذلك".

وقال عن حديث ابن عباس وغيره (٤/ ٩٧): "أن المطر والطين، وإن كان عذرًا في التخلف عن الجماعة في المسجد؛ إلا أنه عذر لآحاد الناس، وأما الامام فلا يترك الصلاة لذلك في المسجد، ويصلي جماعة في المسجد بمن حضر، وكذلك يوم الجمعة لا يترك الخطبة وصلاة الجمعة في المسجد بمن حضر فيه، إذا كانوا عددًا تنعقد بهم الجمعة، وإنما يباح لآحاد الناس التخلف عن الجمعة والجماعات في المطر ونحوه، إذا أقيم شعارهما في المساجد، وعلى هذا، فلا يبعد أن يكون إقامة الجماعات والجمع في المساجد في حال الأعذار كالمطر فرض كفاية لا فرض عين، وأن الإمام لا يدعهما".

قلت: لأن ابن عباس قد صلى الجمعة وخطب الناس، لكنه عذر من لم يتمكن من الحضور، وأمر مناديه أن يقول: صلوا في بيوتكم.

° وأما موضع هذه الجملة من الأذان:

<<  <  ج: ص:  >  >>