قال ابن شهاب: ثم سألت الحصين بن محمد الأنصاري، أحد بني سالم، وكان من سراتهم، عن حديث محمود، فصدقه [بذلك]. واللفظ لعقيل بن خالد، ورواه يونس مثله.
وفي رواية إبراهيم: أن محمود بن الربيع استثبت هذه القصة من عتبان مرة أخرى في قصة طويلة، قال في آخرها: سألته عن ذلك الحديث، فحدثنيه كما حدثنيه أول مرة.
أخرجه البخاري (٤٢٤ و ٤٢٥ و ٦٦٧ و ٦٨٦ و ٨٣٨ و ٨٤٠ و ٤٠٠٩ و ٤٠١٠ و ٥٤٠١ و ٦٤٢٣ و ٦٩٣٨)، ومسلم (٣٣/ ٢٦٣ - ٢٦٥ - كتاب المساجد).
وقد جمعت هنا ألفاظ البخاري ومسلم، وحديث عتبان هذا سبق تخريجه تحت الحديث رقم (٥٥٣)، الشاهد السابع، وتكلمت هناك عن فقه الحديث.
وقد خرجت له طرفًا آخر في قصة محمود بن الربيع، قال: عقلت من النبي - صلى الله عليه وسلم - مجةً مجها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين، تحت الحديث رقم (٨٢٢).
وقد رواه ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: حدثني محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك، قال: قدمت المدينة، فلقيت عتبان، فقلت: حديث بلغني عنك، قال: أصابني في بصري بعض الشيء، فبعثت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي، فأتخذه مصلى، قال: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن شاء الله من أصحابه، فدخل وهو يصلي في منزلي، وأصحابه يتحدثون بينهم، ثم أسندوا عُظْم ذلك وكُبره إلى مالك بن دُخْشُم، قالوا: ودوا أنه دعا عليه فهلك، ودوا أنه أصابه شر، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، وقال:"أليس يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ "، قالوا: إنه يقول ذلك، وما هو في قلبه، قال:"لا بشهد أحد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فيدخل النار، أو تَطعَمه".
أخرجه مسلم (٣٣/ ٥٤ و ٥٥ - كتاب الإيمان)، وانظر: تخريجه تحت الحديث رقم (٥٥٣)، الشاهد السابع.
° ومن فقه الحديث:
قال الترمذي في الجامع (٤٠٩): "وقد رخص أهل العلم في القعود عن الجماعة والجمعة في المطر والطين، وبه يقول أحمد وإسحاق".
وقال ابن بطال في شرح البخاري (٢/ ٢٩١): "أجمع العلماء على أن التخلف عن الجماعات في شدة المطر والظلمة والريح وما أشبه ذلك: مباح بهذه الأحاديث، ألا ترى أن عتبان بن مالك سأل النبي - عليه السلام - أن يصلي في بيته مكانًا يتخذه مصلى إذا كان المطر والسيل، ففعل ذلك".
وقال أيضًا (٢/ ٤٩٢): "اختلف العلماء في التخلف عن الجمعة للمطر، فممن كان يتخلف عنها لذلك: ابن سيرين، وعبد الرحمن بن سمرة، وهو قول أحمد وإسحاق، واحتجوا بهذا الحديث [يعني: حديث ابن عباس]، وقالت طائفة: لا يتخلف عن الجمعة للمطر، روى ابن نافع قال: قيل لمالك: أيتخلف عن الجمعة في اليوم المطير، قال: ما سمعت، قيل له: فالحديث: "ألا صلوا في الرحال"؟، قال: ذلك في السفر".