أخرجه عبد الرزاق (٣/ ١٦٧/ ٥١٧٥) و (٣/ ٣٠١/ ٥٧١٩)، وابن أبي شيبة (٤/ ٤٦/ ٥٠٩٩ - ط. عوامة)، وابن المنذر في الأوسط (٤/ ١٨٨/ ٢٢٩٤).
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل الحارث الأعور، وأبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث.
• وقد روى أحد الهلكى في هذا الحديث قصة يحكي فيها إنكار شعبة لهذا الحديث بإسناد غير هذين الإسنادين السابقين:
رواها عبد العزيز بن أبان، قال: قلت لشعبة: تحفظ عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي، قال: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع؟ وقال: هذا منكر؛ من حدث به؟ قلت: حدثنا أبو إسرائيل، قال: ومن أبو إسرائيل؟ قلت: شيخ من أهل الكوفة، قال: لا أعرفه، قلت: إن فيه عسرًا، قال: أيشٍ له؟.
رواها ابن عدي في الكامل (١/ ٢٩٠).
ثم أسنده من طريق قيس بن الربيع [ليس بالقوي]، عن أبي إسرائيل الملائي به.
وقد أنكره أحمد على أبي إسرائيل [موضح أوهام الجمع (١/ ٣٣١)].
قلت: هذه القصة لا تثبت؛ فإن عبد العزيز بن أبان الأموي السعيدي: متروك، كذبه ابن نمير وابن معين، وقال: "كذاب خبيث، يضع الحديث" [التهذيب (٢/ ٥٨١)].
وأبو إسرائيل إسماعيل بن أبي إسحاق خليفة العبسي الكوفي الملائي: ليس بالقوي، سيئ الحفظ، له أغاليط، يخالف الناس في حديثه، وكان غاليًا في التشيع والرفض، يكفر عثمان - رضي الله عنه -[التهذيب (١/ ١٤٨)، الميزان (١/ ٢٢٦) و (٤/ ٤٩٠)، إكمال مغلطاي (٢/ ١٦٥)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (٣/ ١١٤٥)، التذييل على التهذيب (٦١)، الجامع في الجرح والتعديل (١/ ٧١)].
• والحاصل: فإن أثر علي صحيح ثابت عنه بالطريق الأول، ويمكن حمله على القرى المجتمعة البيوت، التي يقطنها أهلها إقامة دائمة من غير ظعن عنها ولا انتقال، خلافًا لأهل البوادي الذين ينتقلون طلبًا للماء والكلأ، وهو الوصف الذي ينطبق على أهل حرة بني بياضة، الذين أقيمت فيهم الجمعة لأول مرة بالمدينة، فجمعت المسلمين من أهل يثرب قبل مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك قرية جواثا من البحرين، ومن ثم فلا تجب الجمعة على أهل البوادي والخيام:
قال ابن القاسم في المدونة (١/ ١٥٢): "وقال مالك في القرية المجتمعة التي قد اتصلت دورها: أرى أن يجمِّعوا الجمعة، كان عليهم والٍ، أو لم يكن عليهم.
قلت: فهل حدَّ لكم مالك في عظم القرية حدًّا؟ قال: لا، إلا أنه قال: مثل المناهل التي بين مكة والمدينة، مثل الروحاء وأشباهها، قال: ولقد سمعته يقول في القرى المتصلة البنيان التي فيها الأسواق: يجمع أهلها، وقد سمعته يقول غير مرة: القرية المتصلة البنيان يجمع أهلها، ولم يذكر الأسواق".